العمل
تميّز العمل بفوائده في حياة الأفراد والمُجتمعات، وطبيعته الأساسيّة في الحياة؛ حيث يُعدّ ضرورةً من الضّرورات الاقتصاديّة والاجتماعيّة، كما يُشكّل حلقة الوصل بين الفرد ومجتمعه، ويُعزّز الصحّة العقليّة، والجسديّة، والنفسيّة، ويُساهم في دعم الإنسان لتحقيق طموحاته؛ لذلك يُعدّ العمل حقّاً شرعيّاً للأشخاص كافّةً، ويُمثّل العمل عمليّةً تُطبَّق بالاشتراك بين الإنسان والطّبيعة، وتُنفَّذ بالاعتماد على استخدام تقنية مُعيَّنة؛ لذلك فإنّ العمل هو مجموعة أنشطة، تسعى إلى تحقيق أهداف إجرائيّة، ويحرص الإنسان على تحقيقها باستخدام عقله ويديه والآلات المُتاحة لذلك؛ ممّا يؤدّي في النهاية إلى تطوير الحياة البشريّة.
ضغوط العمل
ضغوط العمل هي عبارة عن التّفاعلات التي تحدث بين بيئة العمل والأفراد، وتؤدّي إلى ظهور حالةٍ وجدانيّة سيِِّئة، مثل: القلق والتوتُّر، وتُعرَّف ضغوط العمل بأنّها مجموعة من التجارب التي تُؤثّر على الأفراد؛ بسبب عوامل شخصيّة أو بيئيّة ترتبط مع عملهم في المُنشَأة؛ حيث ينتج عن هذه العوامل ظهور آثار جسميّة، أو سلوكيّة، أو نفسيّة على الأفراد.
أنواع ضغوط العمل
توجد أنواع مُتعدِّدة لضغوط العمل، ويتميّزُ كلٌّ منها بمواصفات خاصّة به، وأسلوب للتعامل معه، وفيما يأتي معلومات عن أهمّ أنواع ضغوط العمل؛ وفقاً لمعايير مُعيَّنة:
- ضغوط العمل بناءً على الضّرر والضّرورة: لأيّ ضغط عملٍ طبيعةٌ خاصّةٌ به، فتأثيرات ضغوط العمل تختلف ولكن ليست كلّها ضارّةً، بل من المُمكن أن يكون بعضها ضروريّاً، ووفقاً لهذا المعيار تُقسَم ضغوط العمل إلى الآتي:
- الضغوط الحميدة والضروريّة: هي ضغوط تحتاجها بيئة العمل؛ إذ تحتاج العديد من أنواع الأعمال إلى الضّغط الذي يُطبّقه المدير على الموظّفين؛ للمحافظة على دافعيّتهم لتنفيذ كافّة مُتطلّبات العمل.
- الضّغوط غير الحميدة والضارّة: هي ضغوط تؤثّر تأثيراً سلبيّاً على الموظّفين، وتنتج عنها مجموعة من الأضرار، مثل: العُزوف عن تنفيذ العمل، والشُّعور بالقلق والاكتئاب.
- ضغوط العمل بناءً على مرحلة الضّغط: هي مرور الضّغوط بمجموعةٍ من المراحل المُتَتالية؛ حتّى تصل إلى مرحلة الاكتمال وظهور آثارها؛ حيث تبدأ من مرحلة نشأة الضّغط التي تؤدّي إلى ظهور أعراضه الأوليّة، ومن ثمّ ينتقل إلى مرحلة نموّ الضّغط التي تُسيطر على الموظّفين، وتأتي بعدها مرحلة نضوج الضّغط التي يكون فيها الضّغط أكثر من قُدرة الموظّفين على مقاومته، ويصل مرحلة الانكماش لينتهي في مرحلة الانتهاء.
- ضغوط العمل بناءً على شمول الضّغط: هي النّظر إلى الضّغط نظرةً فوقيّةً تتناسب مع حجم أبعاده المؤثّرة على المُنشأة، وتُقسَم ضغوط العمل في هذا النّوع إلى الآتي:
- الضّغط الشّامل: هو الضّغط المُؤثّر على كافّة اهتمامات الموظّفين، والعوامل الخاصّة بالمُنشأة؛ حيث تكون الاستجابة له نوعاً من أنواع المُجازَفة الخطيرة.
- الضّغط الفرعيّ: هو الضّغط المُرتبط بمصالح فئة مُعيَّنة من فئات الموظّفين داخل المُؤسّسة، فتصطدم مصالحهم مع مصالح غيرهم وأهدافهم.
- ضغوط العمل وفقاً لشِدّة الضّغط وعنفه: بناءً على شدّة الضّغط تُقسم الضّغوط إلى الآتي:
- ضغوط شديدة العُنف: هي ضغوط هيكليّة تتّصل مع بيئة المُنشأة، وتُعدّ طويلة الأجل ومرتبطةً مع استراتيجيّات المُنشأة، مثل استراتيجيّات: الاستمرار، والتوسُّع، والنموّ.
- ضغوط متوسّطة العُنف: هي ضغوط مُتّصلة مع سياسات المُنشأة؛ ممّا يؤدّي إلى تعزيز تحكُّمها في العمل، وتنتج عنها تأثيرات مُتداخلة تؤثّر على الموظّفين لمُدّة متوسّطة الأجل.
- ضغوط هادئة: هي ضغوط متّصلة مع ظروف يوميّة المُنشأة اليوميّة، وتظهر نتيجةً للعمليات اليوميّة، وعلاقات الموظّفين مع المديرين والزُّملاء في العمل، ويُعدّ هذا النّوع من الضغوط قصير الأجل.
- ضغوط العمل بناءً على المُتغيِّرات والتغيُّرات: هي ضغوط شديدة الخطورة، وتُؤثّر على كلٍّ من الموظّفين والعُمَلاء، ومن الأمثلة عليها: تغيير نظام العمل في المُنشأة.
عوامل ظهور ضغوط العمل
تظهر ضغوط العمل في المنشآت؛ نتيجةً لاعتمادها على تأثير عدّة عوامل أساسيّة، وهي:
إقرأ أيضا:تطور وأهمية المحاسبة المالية- العوامل البيئيّة: هي عوامل تؤثّر على مُعدّل توتّر الموظّفين داخل المُنشأة، وتشمل الآتي:
- عدم ثبوت الحالة الاقتصاديّة: من الممكن أن تُصاب البيئة الاقتصاديّة بزيادة التضخُّم أو الكساد في بلد معيّن؛ ممّا يؤدّي إلى التأثير بشكلٍ سلبيٍّ على الأفراد، ويظهر هذا التأثير في ارتفاع الأسعار بشكلٍ عامّ؛ وخصوصاً أسعار المواد التموينيّة، وعدم توفير السِّلع الرئيسيّة؛ ممّا يؤثّر على دخل الأفراد ويجعلهم يشعرون بالقلق والتوتُّر.
- التطوّر التكنولوجيّ المُتسارِع: هو تأثير تقنيات الحاسوب على الأعمال المتنوّعة؛ ممّا يؤدّي إلى شعور الأفراد بالعديد من الضّغوط في حال عدم قدرتهم على استخدام هذه التّقنيات.
- التّغييرات الاجتماعيّة: هي ظواهر جديدة ظهرت في المجتمعات، تختلف عن التقاليد والقيم المُتعارَف عليها، وينتج عنها ظهور مشكلة في مجتمعٍ مُعيّنٍ، فتُعزّز شعور الأفراد بالضّغوط.
- العوامل التنظيميّة: هي من العوامل المهمّة التي تؤدّي إلى حدوث ضغوط العمل؛ لذلك اهتمّت بعض الأبحاث المُتخصّصة بالسّلوك التنظيميّ لهذه العوامل؛ بسبب الاختلاف الظاهر في ضغوط العمل بين المنشآت، وفقاً لعدّة أسبابٍ، مثل: السّياسات المُطبَّقة في تنظيم العمل، والمناخ التنظيميّ، وحجم المُنشأة، وتوجد مصادرٌ عديدة لهذا النّوع من العوامل، ومنها:
- مُتطلَّبات العمل: تتنوّع ضغوط العمل مع تنوّع متطلّباته، كما تختلف أسباب الضّغط وفقاً لاختلاف الوظائف، وبناءً على طبيعة المسؤوليّات، وحجم صلاحيّات كلّ موظف في العمل.
- نوعيّة العلاقات في بيئة العمل: هو تحقيق التّفاعل بين الموظفين في بيئة العمل؛ حيث تُساهم العلاقات التي تربط بينهم في المنشأة بتوفير حاجاتهم الاجتماعيّة، ولكن قد تؤدّي إلى ظهور ضغوط العمل في حال كانت العلاقات سيّئةً؛ ممّا قد ينتج عنها شعورهم بالعُزلة.
- الهيكل التنظيميّ: هو من العوامل التي تؤدّي إلى حدوث ضغوط العمل، فعندما تُتَّخذ القرارات بدرجةٍ مرتفعة من المركزيّة، ويرافقها ضعف في الاتّصال داخل المنشأة، وقلّة في الفُرص المُتاحة للنموّ، عندها يشعر الموظف بضغطٍ نفسيٍّ كبيرٍ.
- العوامل الشخصيّة: هي مصادر ضغوط العمل الناتجة عن الموظّف بصفته الذاتيّة، وتُقسَم قسمين، هما:
- الضغوط المُتعلّقة بظروف حياة الموظّف: تُعدّ هذه الضّغوط عوامل شخصيّةً خارجيّةً، مثل: المُعاناة من المشكلات الأُسريّة التي تؤدّي إلى شعور الموظّف بالانفعال.
- الضّغوط الداخليّة الخاصّة بالموظّف: هي العوامل الداخليّة للموظّف، وتعتمد على طبيعة شخصيّته وطريقة تفكيره، مثل: طموحه نحو تحقيق هدف مُعيّن