قصص عربية

محاكمة رية وسكينة

⚖️ محاكمة ريا وسكينة: حين وقف الرعب خلف القضبان

في مايو 1921، شهدت محكمة الإسكندرية الأهلية واحدة من أكثر المحاكمات جماهيرية في تاريخ مصر، حيث مثلت ريا وسكينة وشركاؤهما أمام العدالة بعد سلسلة من الجرائم التي هزّت المجتمع. كانت المحاكمة مسرحًا للانفعالات، الاعترافات، والمرافعات التي لا تُنسى، وانتهت بحكم تاريخي بالإعدام لأول سيدتين في مصر.

📖 القصة :

بعد أن جمعت النيابة الأدلة والشهادات، بدأت المحاكمة في جلسة خاصة يوم 10 مايو 1921، وسط حضور جماهيري كثيف، لا يُسمح له بالدخول إلا بتذاكر، بينما وقف العامة خلف الحواجز الخشبية يترقبون رؤية المتهمين.

بدأ رئيس النيابة مرافعته بكلمات مدوية:

“هذه الجريمة من أفظع الجرائم، والجمهور كان يريد تمزيق المتهمين قبل وصولهم إلى القضاء.”

ثم سرد كيف تشكلت العصابة قبل ثلاث سنوات، وانتقلت من الصعيد إلى بني سويف ثم إلى كفر الزيات، حيث بدأت سكينة حياتها كبائعة هوى، وانتهى بها المطاف مع أختها ريا في فتح بيوت للهوي، تحت حماية رجال مثل عرابي وعبد الرازق، الذين كانوا يتصدون لأي تهديد.

بدأت القضية فعليًا حين توالت بلاغات اختفاء النساء، لكن التحقيقات كانت ضعيفة حتى ظهرت أولى الجثث. في 12 نوفمبر اختفت فردوس، وبعد ثلاثة أيام، عثر مرسي، ضعيف البصر، على جثة أثناء الحفر بجوار منزل ريا. أبلغ خاله، الذي أبلغ الشرطة، فداهمت الشرطة المنزل، وواجهت ريا، التي قالت فورًا:

إقرأ أيضا:أين يقع قبر كليب

“عرابي حسان هو القاتل.”

ثم أرشدت عن مكان الجثث، وتم العثور على ثلاث منها. حاولت ريا اتهام أحمد الجدر وعديلة، لكن التحقيقات أثبتت أن عديلة زارت المنزل مرة واحدة فقط.

اعترفت سكينة لاحقًا، ثم أُحضر حسب الله وعبد العال، وقالت ريا وسكينة أمامهما:

“نحن اعترفنا.” فأقر كل منهما اعترافًا واضحًا لا تشوبه شائبة.

وعندما بدأت النيابة الحديث عن المتهمة أمينة بنت منصور، قالت أمينة:

“أنا مظلومة.” فصرخت سكينة من داخل القفص: “إزاي مظلومة وفي جثة مدفونة في بيتك؟ دي انتي أصل كل شيء من الأول!”

وصلت المرافعة إلى ذروتها حين طالب رئيس النيابة بالحكم بالإعدام على المتهمين السبعة الأوائل، بمن فيهم “الحرمتين” ريا وسكينة، مؤكدًا أن الأسباب التي كانت تمنع إعدام النساء قد زالت، لأن الإعدام أصبح يتم داخل السجن.

وطلب أيضًا معاقبة المتهمين الثاني والتاسع بالأشغال الشاقة المؤبدة، ومعاقبة الصائغ بالحبس ست سنوات.

وفي جلسة علنية يوم الإثنين 16 مايو 1921 الموافق 8 رمضان 1339، أصدرت المحكمة حكمها بالإعدام على ريا وسكينة وشركائهما، لتكونا أول سيدتين يُنفذ فيهما حكم الإعدام في تاريخ مصر الحديث.

🪙 النهاية والعبرة:

محاكمة ريا وسكينة لم تكن مجرد فصل قانوني، بل كانت لحظة فاصلة في تاريخ العدالة المصرية، حيث واجهت النساء لأول مرة حكم الإعدام، بعد أن ثبت تورطهن في جرائم قتل متسلسلة. العبرة: أن العدالة قد تتأخر، لكنها لا تغيب، وأن الجرائم مهما كانت محكمة التخطيط، فإنها لا تصمد أمام ضمير المجتمع وشجاعة التحقيق.

إقرأ أيضا:قصص حب حقيقيه
السابق
اعتراف رية وسكينة بالجريمة
التالي
الملك الحائر