📌 زكريا عليه السلام
جدول المحتويات
زكريا عليه السلام نبيٌ من أنبياء بني إسرائيل، عُرف بصبره وورعه، وبدعائه الخاشع الذي خلدته آيات القرآن الكريم. في زمنٍ ساد فيه الفساد، واشتد فيه ظلم الملوك، وقف زكريا داعيًا إلى التوحيد، ومُربيًا لمريم، ومبشّرًا بولدٍ صالحٍ سيكون نبيًا من بعده. قصة زكريا عليه السلام كما وردت في سورتي مريم وآل عمران، تحمل في طياتها دروسًا عظيمة في اليقين، والدعاء، والتربية، والثبات على الدين، وهي من القصص التي تلقّاها المسلمون بالحب والتأمل عبر العصور.
📖 نسب زكريا عليه السلام
ينتمي زكريا عليه السلام إلى نسل الأنبياء، ويمرّ نسبه بسليمان بن داود حتى يصل إلى يهوذا بن يعقوب عليه السلام. وكان يعمل نجارًا، ويعيش في زمنٍ انتشر فيه الكفر والفساد بين بني إسرائيل، حيث تسلّط الملوك على الصالحين، وقتلوا الأنبياء ظلماً وعدوانًا.
🕌 دعوته وبعثته
بُعث زكريا عليه السلام نبيًا في بني إسرائيل، يدعو إلى عبادة الله وحده، وينهى عن الشرك والفساد. واجه ظلم الملك هيرودس الذي أمر بقتل ابنه يحيى عليه السلام، وكان من أشد الملوك بطشًا بأهل الدين.
🤲 دعاؤه بالولد
لما بلغ الكِبر، ولم يكن له ولد، دعا الله أن يرزقه غلامًا صالحًا يرث النبوة ويقيم الدين، فقال: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ (مريم: 5–6) رأى كرامات مريم عليها السلام حين كفلها، فازداد يقينه، ودعا الله رغم كِبره وعقم زوجته، فاستجاب الله له.
إقرأ أيضا:قصة يونس عليه السلام👶 بشارة يحيى عليه السلام
بشّره الله بولدٍ اسمه يحيى، وقال: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى﴾ (مريم: 7) وكانت آيته أن لا يُكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزًا، وكان يذكر الله كثيرًا. نشأ يحيى عليه السلام نبيًا، صدّيقًا، بارًا بوالديه، تقيًا، كما قال تعالى: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ (مريم: 15)
🧕 كفالة زكريا لمريم
في مشهد من مشاهد الإيمان والوفاء، تبدأ قصة كفالة زكريا عليه السلام لمريم عليها السلام من دعاء أمّها الصالحة، زوجة عمران، التي نذرت أن يكون مولودها خادمًا لبيت المقدس إن رزقها الله ولدًا، رغم أنها كانت لا تُنجب. استجاب الله دعاءها، ولكنها وضعت أنثى، فحارت في أمرها، إلا أنها أوفت بنذرها، وقدّمت مريم لخدمة بيت الله، مؤمنة بأن الله أعلم بما وهبت.
حين وصلت مريم إلى بيت المقدس، تنافس الصالحون من بني إسرائيل على كفالتها، حبًا بوالدها العالم التقي، فاقترعوا، فخرج سهم زكريا عليه السلام، وكان زوج خالتها، ففاز بشرف كفالتها.
أسكنها زكريا في محرابه، وأحسن تربيتها، وأدّبها، وعلّمها عبادة الله وحده، حتى أصبحت مريم نموذجًا في الطهر والعبادة، وكانت كراماتها سببًا في زيادة يقين زكريا عليه السلام، خاصة حين كان يجد عندها رزقًا غير مألوف، كما قال تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا﴾ (آل عمران: 37)
إقرأ أيضا:قصة عبد الرحمن بن عوفكفالة زكريا لمريم لم تكن مجرد رعاية جسدية، بل كانت تربية روحية، وإعدادًا لمرحلة عظيمة من مراحل النبوة، حيث ستُصبح مريم أمًا لعيسى عليه السلام، أحد أولي العزم من الرسل، في مشهد تتكامل فيه النبوة، والكرامة، والعبادة، واليقين.
⚰️ وفاة زكريا عليه السلام
في ختام حياة نبي الله زكريا عليه السلام، تتجلّى واحدة من أكثر صور الظلم التي واجهها الأنبياء على يد بني إسرائيل، الذين اشتهروا بقتل الأنبياء، كما قال الله تعالى: ﴿وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ (البقرة: 61)
وقد وردت في وفاته روايتان، كلاهما تُظهر بشاعة ما تعرّض له هذا النبي الكريم:
📜 الرواية الأولى
بعد ولادة مريم عليها السلام، ادّعى بعض الفاسقين من بني إسرائيل أن زكريا عليه السلام هو من أوقعها في الفاحشة، فافتروا عليه زورًا وبهتانًا، وأقبلوا إليه فقتلوه ظلمًا، حيث نشروه بالمنشار وهو حيّ، في مشهدٍ تقشعر له الأبدان، وتُظهر مدى الحقد الذي حمله قومه تجاه أهل الصلاح.
🌲 الرواية الثانية
بعد مقتل يحيى عليه السلام، أرسل الملك هيرودس جنوده للبحث عن زكريا، فاختفى عن الأنظار، حتى نادته شجرة بإذن الله أن يدخل فيها، فانشقّت له ودخل داخلها. لكن الشيطان دلّ القوم على مكانه، بعدما أخذ قطعة من لباسه، فأقبلوا يقطعون الشجرة بفؤوسهم حتى قتلوه داخلها، في مشهدٍ يُجسّد نهاية نبيٍ اختار التوكل والستر، فكان موته شهادة على ظلم قومه، وصبره حتى آخر لحظة.
إقرأ أيضا:معلومات عن قصة سيدنا آدمهذه النهاية المؤلمة لا تُنقص من قدر زكريا عليه السلام، بل ترفع مقامه، وتُخلّد صبره، وتُظهر أن طريق الأنبياء محفوفٌ بالابتلاء، وأن الثبات على الحق قد يُكلّف الروح، لكنه يُورث الخلود في الذكر، والرفعة في الآخرة.
🔚 الخاتمة
قصة زكريا عليه السلام تجسّد معاني الصبر واليقين، وتُظهر كيف أن الدعاء الصادق لا يُرد، ولو بعد حين. لقد كان نبيًا ومربيًا، وداعيًا إلى الله في زمنٍ اشتد فيه الظلم، فخلّد الله ذكره، ورفع قدره، وبشّره بولدٍ صالحٍ نبيٍ كريم. فلنستلهم من سيرته الثبات على الدين، واليقين في وعد الله، والدعاء في كل حال، ونسأل الله أن يجعلنا من الذين إذا دعوا، دعوا بيقين، وإذا ابتُلوا، صبروا بثبات.