العلوم الإنسانية

مفهوم علم المكتبات

مفهوم علم المكتبات

مفهوم علم المكتبات

علم المكتبات: تنظيم المعرفة لخدمة الإنسان

مفهوم  علم المكتبات هو علم يُعنى بجمع المعلومات وتنظيمها وتيسير الوصول إليها، بهدف وضع المعرفة المناسبة بين أيدي المستفيد المناسب في الوقت المناسب. نشأ هذا العلم في البداية ضمن العلوم الاجتماعية والآداب، حيث ركّز على الأساليب الإدارية والنظم الفنيّة مثل الفهرسة والتصنيف، لبناء مجموعات مكتبية منظمة. ومع تطور التكنولوجيا وتزايد الحاجة إلى المعرفة، توسّع علم المكتبات ليشمل خدمات معلوماتية متقدمة، ويُقدّم على أسس علمية دقيقة.

في جوهره، يسعى علم المكتبات إلى تسهيل الوصول إلى مصادر المعرفة، سواء كانت مطبوعة أو رقمية، من خلال تنظيمها وتوثيقها وحفظها واسترجاعها بكفاءة. وقد أصبح هذا العلم اليوم جزءًا لا يتجزأ من البنية التحتية المعرفية لأي مجتمع، حيث يربط بين الإنتاج الفكري والباحثين والطلاب والجمهور العام.

نشأة وتطور علم المكتبات

ظهر علم المكتبات كمجال مستقل في أوائل القرن العشرين، متأثرًا بتجارب العلوم الأخرى، خاصة في مجالات الإدارة والخدمات. في البداية، كانت مهنة المكتبات تعتمد على التطبيق العملي دون إطار نظري واضح، لكن مع مرور الوقت، تطوّر هذا المجال ليعتمد على قواعد ونظريات علمية، تهدف إلى ضبط المعرفة الإنسانية وتيسير تداولها.

وقد ساهم التقدم التكنولوجي في تحويل المكتبات من مجرد مستودعات للكتب إلى مراكز معلومات متكاملة، تستخدم قواعد بيانات رقمية، وأنظمة استرجاع ذكية، وتُقدّم خدمات إلكترونية متطورة. كما أصبح علم المكتبات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلم المعلومات، مما أدى إلى ظهور تخصصات جديدة مثل إدارة المعرفة، وأرشفة المحتوى الرقمي، وتصميم واجهات البحث.

إقرأ أيضا:نتائج العلوم على مستوى الحياة

أنواع المكتبات ودورها في المجتمع

تنقسم المكتبات إلى عدة أنواع، كل منها يخدم فئة معينة من المجتمع ويؤدي وظيفة محددة:

  • المكتبات الوطنية تُنشئها الدول كمستودعات رسمية للنشاط الثقافي والمعرفي، وتُعد مرجعًا أساسيًا للباحثين والمؤلفين. من أمثلتها مكتبة المتحف البريطاني، والمكتبة الوطنية التونسية. وتُعنى هذه المكتبات بجمع الإنتاج الفكري الوطني وحفظه وتوثيقه.
  • المكتبات العامة مؤسسات ثقافية مفتوحة للجمهور، تُقدّم خدماتها مجانًا دون تمييز، وتُموّل عادة من قبل الدولة أو البلديات. تهدف إلى تعزيز الثقافة العامة، وتوفير مصادر المعرفة لجميع أفراد المجتمع.
  • المكتبات المدرسية تُنشأ داخل المدارس وتُدار من قبل أمناء مكتبات، وتُخدم الطلاب والمعلمين على حد سواء. تُساهم في دعم المناهج الدراسية، وتنمية مهارات البحث والقراءة لدى الطلاب.
  • المكتبات الجامعية الأكاديمية توجد داخل الجامعات والكليات، وتُقدّم خدمات معلوماتية للطلاب والأساتذة والباحثين. تحتوي على مصادر متخصصة، مثل الرسائل الجامعية، والمجلات العلمية، وقواعد البيانات الأكاديمية.
  • المكتبات المتخصصة ومراكز المعلومات تُركّز على موضوعات محددة، وتُخدم مؤسسات أو جمعيات معينة. من أبرز خصائصها:
    • تقديم المعلومات والبيانات مباشرة، وليس فقط مصادرها.
    • مقتنياتها محدودة الحجم لكنها عالية التخصص.
    • تحتوي على دوريات، تقارير، أبحاث، رسومات هندسية، ونشرات داخلية.

أهمية علم المكتبات في العصر الرقمي

في ظل التحول الرقمي، أصبح علم المكتبات أكثر أهمية من أي وقت مضى. فالمكتبات الحديثة لا تقتصر على الكتب الورقية، بل تُدير محتوى رقميًا ضخمًا، وتُوفّر خدمات إلكترونية مثل الإعارة الرقمية، والوصول إلى قواعد البيانات العالمية، والدعم البحثي عبر الإنترنت.

إقرأ أيضا:خصائص السؤال الفلسفي

كما تلعب المكتبات دورًا محوريًا في مكافحة الأمية المعلوماتية، من خلال تعليم المستخدمين كيفية تقييم المصادر، واستخدام أدوات البحث، وحماية الخصوصية الرقمية. وقد أصبحت المكتبات اليوم مراكز تعليمية وتدريبية، تُقدّم ورش عمل، ومحاضرات، وخدمات استشارية.

خلاصة المقال

علم المكتبات هو البنية التحتية المعرفية التي تربط الإنسان بالمعلومة، وتُسهّل الوصول إلى المعرفة في صورها كافة، من خلال تنظيمها وحفظها وتقديمها بأساليب علمية متطورة.

السابق
الحالة النفسية وتأثيرها على الجسم
التالي
ما هو منطق الفلسفة