قصص عالمية

من هي بوكاهانتس

🪶 بوكاهونتاس: الأميرة التي عبرت بين عالمين

في قلب الغابات الأمريكية، حيث كانت الطبيعة تتحدث بلغتها الخاصة، وتهب الحياة للأنهار والأشجار والجبال، وُلدت فتاة لم تكن كباقي الفتيات. كانت تُدعى “ماتواكا”، لكن العالم عرفها باسم “بوكاهونتاس”، أي “المرحة”، لقبٌ يعكس روحها الحرة، وضحكتها التي كانت تُشبه زقزقة الطيور.

كانت ابنة زعيم قبيلة “باووهاتان”، إحدى أقوى الاتحادات القبلية للسكان الأصليين في فيرجينيا. نشأت بين قومها، تتعلم فنون الطبيعة، وتُراقب العالم من حولها بعينين فضوليتين، لا تعرفان الخوف، ولا تؤمنان بالحدود.

🧭 اللقاء الذي غيّر التاريخ

في عام 1607، وصلت سفن المستعمرين الإنجليز إلى شواطئ أمريكا، وأسسوا مستعمرة “جيمس تاون”. كان بينهم رجل يُدعى “جون سميث”، مغامر وقائد، وقع في أسر قبيلة باووهاتان. وبينما كان على وشك الإعدام، تدخلت بوكاهونتاس، ووضعت رأسها فوق رأسه، طالبةً من والدها العفو عنه. هل كانت هذه لحظة حب؟ أم طقسًا رمزيًا؟ لا أحد يعلم على وجه اليقين، لكن تلك اللحظة أصبحت أسطورة، تُروى في كل كتاب، وتُغنّى في كل فيلم.

🕊️ من الأسر إلى التحول

بعد سنوات، وفي ظل تصاعد التوتر بين الإنجليز والقبائل، وقعت بوكاهونتاس في الأسر. لم تكن مجرد رهينة، بل كانت رمزًا حيًا للتقارب الممكن بين عالمين. خلال فترة احتجازها، اعتنقت المسيحية، وتعلمت اللغة الإنجليزية، وتغير اسمها إلى “ريبيكا”. وفي عام 1614، تزوجت من المزارع الإنجليزي “جون رولف”، في زواج سياسي أكثر منه عاطفي، ساهم في تهدئة الصراع مؤقتًا.

إقرأ أيضا:قصة حب رومانسية

🇬🇧 الرحلة إلى إنجلترا

سافرت بوكاهونتاس إلى إنجلترا، حيث قُدمت للمجتمع البريطاني كدليل على “تمدن الهمج”، وشاركت في مناسبات ملكية، والتقت بالملك جيمس الأول. لكن خلف الأضواء، كانت تعاني من الغربة، والحنين، والهوية الممزقة بين جذورها وقناعها الجديد. وفي عام 1617، توفيت فجأة في مدينة “غريفزند”، عن عمر لا يتجاوز 21 عامًا، ودُفنت هناك، بعيدًا عن أرضها، وقبيلتها، وأشجارها التي كانت تهمس لها في طفولتها.

🎬 بوكاهونتاس في السينما

تحولت قصتها إلى رمز عالمي، وألهمت العديد من الأعمال الفنية، أبرزها:

  • فيلم ديزني “Pocahontas” (1995): الذي قدمها كأيقونة رومانسية وروحية، تتحدث إلى الطبيعة، وتغني “Colors of the Wind”.
  • فيلم “The New World” (2005): من إخراج تيرينس مالك، قدم معالجة أكثر واقعية، وأظهر صراعها الداخلي، وهويتها المزدوجة.

🌟 إرث لا يُنسى

بوكاهونتاس لم تكن مجرد فتاة أنقذت رجلًا، بل كانت جسرًا بين حضارتين، وضحية لصراع أكبر منها. هي رمز للهوية، للانتماء، وللثمن الذي يدفعه الإنسان حين يُطلب منه أن يكون شيئًا آخر غير ما هو عليه. قبرها في إنجلترا، لكن روحها ما زالت تحلق فوق غابات فيرجينيا، تهمس للرياح، وتغني للحقيقة.

إقرأ أيضا:عقدة أوديب
السابق
الروسي ذو اللحية الطويلة
التالي
ظهور حورية البحر