🍂 الطبق الخشبي
قصة قصيرة عن الرحمة والعدالة بين الأجيال
في بيتٍ صغيرٍ على أطراف القرية، كان يعيش رجلٌ مسنٌّ مع ابنه وزوجة ابنه وحفيده الصغير. ومع تقدّم العمر، بدأت يداه ترتجفان، وبصره يضعف، وصار يجد صعوبة في تناول الطعام. كان يسقط الملعقة أحياناً، ويُلطّخ المائدة دون قصد.
وذات مساء، وبينما كانت الأسرة مجتمعة على العشاء، سقط طبق الطعام من يديه وانكسر. غضبت زوجة ابنه، وصرخت في وجهه، ثم التفتت إلى زوجها وقالت: “إما أن تجد حلاً لهذا الفوضى، أو أطعمه وحده بعيداً عنا.”
فكّر الابن قليلاً، ثم صنع لوالده طبقاً من الخشب، وأجلسه في زاوية بعيدة عن المائدة. ومنذ ذلك اليوم، صار العجوز يأكل وحيداً، بينما تنهمك الأسرة في طعامها وضحكها، وهو يذرف الدموع بصمت، يشعر بأنه منبوذ في أيامه الأخيرة.
وكان الحفيد الصغير يراقب كل شيء، بعينين لا تنطقان، لكنهما تفهمان.
مرت الشهور، وتوفي العجوز، وأقيمت مراسم التشييع. وبعد انتهاء العزاء، قرر الابن وزوجته التخلص من أغراضه القديمة، فجمعا ملابسه، وعصاه، والطبق الخشبي.
وفجأة، ركض الطفل الصغير نحو الطبق، وأمسك به بقوة.
قال له أبوه: “لماذا أخذت هذا الطبق؟ ماذا تريد أن تفعل به؟”
أجابه الطفل ببساطة مؤلمة: “أريد أن أحتفظ به، كي أطعمك أنت وأمي به عندما تكبران مثل جدي.”
إقرأ أيضا:اجمل قصة حبساد الصمت، وارتجف قلب الأب، وشعر بصفعة الحقيقة التي نطق بها طفله الصغير. لقد فهم الطفل ما لم يفهمه الكبار، وفهم أن الرحمة لا تُورث بالكلام، بل تُعلّم بالفعل.
إقرأ أيضا:أنواع القصص🕊️ الحكمة
كما تدين تُدان من يزرع القسوة يحصد الندم، ومن يزرع الرحمة يحصد الوفاء. فالأطفال لا ينسون، بل يُعيدون ما يرونه، ويصنعون مستقبلنا من مرآة أفعالنا.