📘 االله يراني والعصفوران الصغيران: حكايتان في الحكمة والهوية
جدول المحتويات
تجمع هذه المجموعة بين قصتين قصيرتين تحملان مغزى تربويًا عميقًا. الأولى تسلط الضوء على مراقبة الله للإنسان في كل مكان، والثانية تناقش فكرة الهوية والانتماء من خلال حوار بين عصفورين صغيرين. بأسلوب رمزي بسيط، تُقدّم القصتان دروسًا في الإيمان، والرضا، والوعي بالذات، وتُشجّع على التفكير في القيم التي تُشكّل شخصية الإنسان.
📌 المقدمة
في عالم يمتلئ بالضجيج والتشتت، تأتي القصص القصيرة كنافذة للتأمل، تُعيد ترتيب الأفكار، وتُغرس القيم في النفوس. قصة “الله يراني” تُعلّم الطفل أن الله يراقبنا في كل وقت، وأن الصدق مع النفس هو أساس الأخلاق. أما قصة “العصفوران الصغيران”، فهي حوار رمزي عن الهوية والانتماء، وعن الفرق بين الحلم والواقع، والطبيعة التي خلق الله عليها كل مخلوق.
📖 القصص
🕊️ قصة الله يراني
في قرية صغيرة، كان يعيش فتى يُدعى أحمد، معروف بين أهلها بذكائه وسرعة بديهته. وفي أحد الأيام، جاء شيخ من غربي المدينة يبحث عنه، فسأل أحد الرجال: هل يعيش هنا فتى اسمه أحمد؟ فأجابه الرجل: نعم، إنه في الكتاب، وسيمرّ من هنا قريبًا. كان الشيخ قد أحضر معه ثلاثة فتيان وأربع تفاحات، يريد أن يختبر ذكاء أحمد بطريقة غير مألوفة.
إقرأ أيضا:قصة حرب البسوسمرّ أحمد أمام الشيخ، فناداه: يا أحمد، هل انتهيت من الدرس؟ فأجابه أحمد: نعم يا سيدي. فقال له الشيخ: خذ هذه التفاحة، واذهب إلى مكان لا يراك فيه أحد، ثم كلها. وزّع الشيخ باقي التفاح على الفتيان، وذهب كل منهم يبحث عن مكان يختبئ فيه.
بعد دقائق، عاد الفتيان الثلاثة، وقد أكلوا التفاح. سألهم الشيخ: أين أكلتم التفاح؟ فقال الأول: في الصحراء، والثاني: على سطح بيتنا، والثالث: في غرفتي. أما أحمد، فلم يعد بعد. انتظر الشيخ، ثم عاد أحمد وفي يده التفاحة كما هي.
سأله الشيخ: لماذا لم تأكلها؟ فقال أحمد: لأنني لم أجد مكانًا لا يراني فيه أحد. فسأله الشيخ: ولماذا؟ فأجاب أحمد بثقة: لأن الله يراني أينما ذهبت. ربت الشيخ على كتف أحمد، وقال له: أحسنت يا بني، لقد فهمت ما لم يفهمه غيرك.
🐦 قصة العصفوران الصغيران
في شتاء قارس، وعلى غصن شجرة زيتون عجوز، التقى عصفوران صغيران. كانت الشجرة ضخمة، لكنها ضعيفة، تكاد لا تقوى على مجابهة الرياح. قال العصفور الأول وهو يهزّ ذنبه: مللت التنقل، أريد بيتًا دائمًا، وطنًا لا أرحل عنه. ضحك العصفور الثاني وقال: نحن الطيور خلقنا الله للارتحال، كل أوطاننا مؤقتة، الكون كله لنا، لا نعرف القيود إلا في أقفاص البشر.
إقرأ أيضا:محاكمة رية وسكينةقال الأول: لكن انظر إلى هذه الشجرة، عمرها أكثر من مائة عام، جذورها راسخة، لو نُقلت لماتت، لأنها تعشق أرضها. أجابه الثاني: لا تقارن نفسك بالشجرة، لكل مخلوق طبيعته، نحن نطير، هي ثابتة، هذا قانون الحياة.
قال الأول: أفهم، لكنني أريد هوية، عنوانًا، وطنًا. تلفّت الثاني، فرأى سحابة سوداء تقترب، فصاح: لننطلق قبل أن تدركنا العاصفة. قال الأول: ما رأيك أن نستقر هنا؟ تبدو الشجرة قوية. رد الثاني بحزم: يكفي أحلامًا، سأطير وأتركك.
بدأ العصفوران يتشاجران، فشعرت الشجرة بالضيق، وهزّت أغصانها بقوة، فهدرت مثل العاصفة. خاف العصفوران، وبسط كل منهما جناحيه، وانطلقا مذعورين يلحقان بسربهما، وقد أدركا أن الطبيعة لا تنتظر المترددين.
🎯 المغزى التربوي
- الله يراني: تُعلّم الطفل أن الله يراقبنا في كل وقت، وأن الصدق مع النفس هو أساس الأخلاق، وأن الذكاء الحقيقي هو في إدراك ما لا يُرى.
- العصفوران الصغيران: تُسلّط الضوء على فكرة الهوية والانتماء، وتُظهر أن لكل مخلوق طبيعته التي يجب أن يتقبلها، وأن الحلم لا يُغني عن الواقع، وأن التردد قد يُفقد الإنسان فرصته في النجاة.
🏁 الختام
في كل قصة من هذه المجموعة، نجد أنفسنا أو من نريد أن نكون. أحمد يُعلّمنا أن الإيمان لا يحتاج إلى أعمار طويلة، بل إلى قلب واعٍ، والعصفوران يُذكّراننا أن التوازن بين الحلم والواقع هو ما يجعلنا نعيش بسلام. فاقرأ وتأمل، وشارك هذه القصص مع من يحتاج إلى حكمة في لحظة، أو دفعة نحو الأفضل.
إقرأ أيضا:قصة قبل النوم