🏷️ قوم لوط – حين جاهروا بالفاحشة فحلّ عليهم غضب الله
جدول المحتويات
في صفحات التاريخ القرآني، تبرز قصة قوم لوط كواحدة من أعظم التحذيرات التي وجّهها الله للبشرية من الانحراف عن الفطرة، والجهر بالمعصية، والتكذيب بالرسل. لقد أرسل الله نبيه لوطًا عليه السلام إلى قومٍ تفشّت بينهم فاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين، فأنذرهم، ونصحهم، ودعاهم إلى التوبة، لكنهم أصرّوا على الفساد، واستكبروا في الأرض، حتى استحقوا عذابًا لم يُنزل على أمة مثلهم.
إن قصة قوم لوط ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي رسالة خالدة لكل مجتمع يُبدّل الفطرة، ويجاهر بالمنكر، ويكذّب دعوة الحق. وفي هذا المقال، نسلّط الضوء على طبيعة عذابهم، وكيف أن الله أنزل بهم نقمته، وجعلهم عبرة لمن يعتبر.
🟢 من هم قوم لوط؟
قوم لوط هم جماعة سكنوا مناطق الأغوار في فلسطين والأردن، في قرى مثل سدوم وعمورة. وقد سُمّوا بهذا الاسم نسبة إلى نبي الله لوط عليه السلام، الذي أُرسل إليهم ليهديهم إلى عبادة الله وحده، وينهاهم عن الفواحش والمنكرات التي تفشّت بينهم.
⚠️ فاحشة قوم لوط
اشتهر قوم لوط بفاحشة لم يسبقهم بها أحد من العالمين، وهي اللواط: إتيان الرجال بدل النساء. وقد جاهروا بها، ونشروها في المجتمع، رغم تحذير نبيهم لهم من غضب الله. قال تعالى: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: 80) ورغم دعوته لهم إلى الزواج الشرعي، رفضوا ذلك، وقالوا له ساخرين: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ (النمل: 56)
إقرأ أيضا:قصة النبي عيسى📣 دعوة لوط عليه السلام
دعاهم لوط عليه السلام إلى التوبة، وقال لهم: ﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ (الشعراء: 162–163) لكنه قوبل بالتكذيب، والمجاهرة بالمعصية، حتى قال الله عنهم: ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ﴾ (القمر: 33)
🕊️ نجاة سيدنا لوط عليه السلام
رغم أن قوم لوط جاهروا بالفاحشة وكذبوا نبيهم، فإن الله تعالى لم يُهلك الجميع، بل أنجى لوطًا عليه السلام وأهله ممن ثبت صلاحهم وإيمانهم، باستثناء زوجته التي كانت من الغاوين، تؤيد القوم في باطلهم، وتشاركهم في فسادهم، فاستحقت أن تكون من الهالكين.
قال تعالى: ﴿قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ (العنكبوت: 32)
وقد أرسل الله ملائكته إلى لوط عليه السلام، ليخبروه بموعد العذاب، ويأمروه بالخروج من القرية ليلًا مع أهله، دون أن يلتفت أحد منهم، لأن العذاب سيحلّ بالقوم مع طلوع الصبح. ﴿قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ﴾ (هود: 81)
إقرأ أيضا:ملخص عن قصص الأنبياءوهكذا نجا لوط عليه السلام ومن آمن معه، ووقع العذاب على من جاهروا بالفاحشة، وعلى من أيّدهم فيها، ولو كانت زوجة نبي.
🔥 عذاب قوم لوط
لما أصرّوا على الفاحشة، ولم يتوبوا، أنزل الله عليهم عذابًا شديدًا:
- الصيحة: أخذتهم وهم مشرقون ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾ (الحجر: 73)
- الخسف: قلب الله أرضهم فجعل عاليها سافلها
- الحجارة من سجيل: أمطر عليهم حجارة مسوّمة من السماء ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ﴾ (هود: 82)
وكان هذا العذاب عبرة لكل من يأتي مثل فعلهم، قال تعالى: ﴿وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ (هود: 83)
إقرأ أيضا:قصة طالوت وجالوت📌 العبر والدروس
- المجاهرة بالمعصية سبب للهلاك
- دعوة الأنبياء رحمة، لكن التكذيب بها يجلب العقاب
- الفطرة السليمة ترفض الشذوذ، والشرع يُحرّمه
- الله يُمهل ولا يُهمل، ومن أصرّ على الفاحشة فمصيره الخسارة
- قصة قوم لوط تحذير للأمم من الانحراف عن شرع الله
🔚 الخاتمة
قصة قوم لوط عليه السلام ليست مجرد تاريخ، بل هي تحذير خالد من الله لكل من يبدّل الفطرة، ويجاهر بالمعصية، ويكذّب الرسل. لقد أُهلكوا بعذاب شديد، وخلّد القرآن ذكرهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر، وليُعلم أن الله لا يرضى بالفساد، وأن رحمته مقرونة بعدله.