قصص عربية

قصة و عبرة

📘 الصداقة الحقيقية: ما يُكتب على الرمل وما يُنقش على الصخر

الصداقة الحقيقية ليست مجرد علاقة عابرة، بل هي رابطة إنسانية تقوم على الصدق، والمشاركة، والاعتمادية المتبادلة. في هذه القصة الرمزية، نكتشف كيف أن المواقف الصعبة تكشف جوهر الصداقة، وكيف أن التسامح والوفاء هما ما يُبقيها حيّة رغم الخلافات.

📖 القصة

في يومٍ قائظ، سار صديقان في صحراء قاحلة، لا ظل فيها ولا ماء، تحرقهما الشمس بسياطها النارية، وتكوي أقدامهما رمال البيداء القاسية. كانا يسيران منذ يومين، وقد بلغ بهما العطش والإرهاق واليأس مبلغًا عظيمًا.

وبينما كانا يتناقشان حول الطريق الأفضل للوصول إلى مكان آمن فيه ماء وظل، احتدّ النقاش بينهما، فغضب أحدهما وصفع الآخر على وجهه. لم يردّ الصديق المصفوع، بل انحنى وكتب على الرمل: “اليوم، تجادلت مع صديقي فصفعني على وجهي.”

تابعا السير بصمت، حتى وصلا إلى واحة فيها ماء، فشربا حتى ارتويا، ثم قررا السباحة في البحيرة الصغيرة. لكن الصديق الذي تلقى الصفعة لم يكن يعرف السباحة، فبدأ يغرق ويصرخ طلبًا للنجدة. دون تردد، قفز صديقه في الماء، وأنقذه من الغرق.

بعد أن استعاد أنفاسه، أخرج سكينًا صغيرة من جيبه، واقترب من صخرة كبيرة، ونقش عليها: “اليوم، أنقذني صديقي من الموت.”

إقرأ أيضا:ما هو عرش بلقيس

تعجب الصديق وقال له: “لماذا كتبت صفعتي لك على الرمل، وكتبت إنقاذي لك على الصخر؟”

فأجابه بابتسامة هادئة: “لأن الصفعة كانت لحظة غضب، حدثًا عابرًا، فكتبتها على الرمل لتأخذها الرياح وتُمحى بسرعة. أما إنقاذك لي، فهو موقف أصيل لا يُنسى، فكتبته على الصخر ليبقى محفورًا لا يمحوه الزمن.”

🧩 العبرة من القصة

الصداقة الحقيقية لا تُقاس بعدد الأيام، بل بالمواقف التي تُظهر معدن الصديق. من يسامح في لحظة غضب، ويُقدّر في لحظة نجدة، هو الصديق الذي يستحق أن يُكتب اسمه على الصخر. الصفعات تُنسى، لكن الأيادي التي تُنقذ تبقى في القلب. و”خير الأصدقاء من نسي ذنبك وذكر أجمل صفاتك.”

إقرأ أيضا:قصة ريا وسكينة

🏁 النهاية

في زمنٍ كثرت فيه العلاقات السطحية، تظل الصداقة الحقيقية كنزًا نادرًا. هذه القصة تُعلّمنا أن الخلاف لا يُفسد الود، وأن الوفاء والتسامح هما ما يُبقي الصداقة حيّة. فلنحرص على أن نكتب أخطاء أصدقائنا على الرمل، وننقش مواقفهم النبيلة على الصخر.

السابق
خطوات إعداد الميزانية
التالي
إدارة الأعمال الناجحة