🏹 معلقة عمرو بن كلثوم: صرخة الكرامة وسيف الفخر
جدول المحتويات
📖 القصة :
كان عمرو بن هند ملك الحيرة رجلًا متعجرفًا، أراد أن يختبر كبرياء قبائل العرب، فسأل في مجلسه: “هل تعرفون امرأةً في مملكتي تأنف أن تخدم أمي؟” فأجابه الحاضرون: “نعم، هند بنت المهلهل، أم عمرو بن كلثوم، فهي من بيت عزّ، عمّها كليب ملك العرب، وأبوها المهلهل شاعر الحرب، وزوجها كلثوم بن مالك سيد بني تغلب.”
فأضمر الملك في نفسه شيئًا، ودعا عمرو بن كلثوم وأمه إلى قصره. وأثناء الطعام، طلبت أم الملك من هند أن تناولها طبقًا، فصرخت هند بنت المهلهل: “واه ذلاه! أيلُ تغلب تُهان؟” فسمعها ابنها، فهبّ كالسيف، وامتشق سلاحه، وقتل الملك في مجلسه، ثم أنشد معلّقته الخالدة، التي أصبحت رمزًا للفخر والبطولة.
✨ القصيدة:
ألا هُبّي بصحنكِ فاصبَحينا
ولا تُبقي خُمورَ الأندرينامُشعشعةً كأنَّ الحصَّ فيها
إقرأ أيضا:قصة عن الام
إذا ما الماءُ خالطَها سخيناتَجورُ بذِي اللَّبَانةِ عن هواهُ
إذا ما ذاقَها حتى يليناتَرى اللَّحِزَ الشَّحيحَ إذا أُمِرَّتْ
عليهِ لمالِهِ فيها مهيناصَدَدتِ الكأسَ عنّا أمَّ عمروٍ
وكانَ الكأسُ مجراها اليميناوما شرُّ الثلاثةِ أمَّ عمروٍ
بصاحبِكِ الذي لا تُصبِحيناوكأسٍ قد شربتُ ببعلبكٍّ
وأخرى في دمشقَ وقاصِريناوإنّا سوفَ تُدرِكُنا المنايا
مُقدّرةً لنا ومُقدّرينَاقِفي قبلَ التفرّقِ يا ظعينا
نُخبّركِ اليقينَ وتُخبِرينَاقِفي نسألكِ هل أحدثتِ صرماً
لوَشْكِ البينِ أم خُنتِ الأمينابيومِ كريهةٍ ضرباً وطعناً
أقرَّ بهِ مواليكِ العيوناوأنَّ غداً وأنَّ اليومَ رهنٌ
وبعدَ غدٍ بما لا تعلميناتُريكِ إذا دخلتِ على خلاءٍ
وقد أمنتِ عيونَ الكاشحيناذراعِي عَيْطَلٍ أدماءَ بِكرٍ
هِجانِ اللونِ لم تقرأْ جنيناوثدياً مثلَ حقِّ العاجِ رخصاً
حصاناً من أكفِّ اللامسيناومتنى لدنةٍ سمقتْ وطالتْ
روادفُها تنوءُ بما وليناومأكمةً يضيقُ البابُ عنها
وكشحاً قد جُننتُ بهِ جنوناوساريتي بلنطٍ أو رخامٍ
يرنُّ خشاشُ حليهما رنينافما وجدتْ كوجدي أمُّ سقبٍ
أضلّتْهُ فرجّعتِ الحنيناولا شمطاءُ لم يتركْ شقاها
إقرأ أيضا:قصص حب حقيقيه
لها من تسعةٍ إلا جنيناتذكّرتُ الصبا واشتقتُ لمّا
رأيتُ حمولَها أصلاً حدينافأعرضتِ اليمامةُ واشمخرتْ
كأسيافٍ بأيدي مصلتيناأبا هندٍ فلا تعجلْ علينا
وأنظرْنا نُخبّركَ اليقينابأنّا نُوردُ الراياتِ بيضاً
ونُصدرُهنَّ حمراً قد رويناوأيامٍ لنا غرٍّ طوالٍ
عصينا الملكَ فيها أن نديناوسيدِ معشرٍ قد توّجوهُ
بتاجِ الملكِ يحمي المحجريناتركنا الخيلَ عاكفةً عليهِ
مقلّدةً أعنّتَها صفوناوأنزلنا البيوتَ بذي طلوحٍ
إلى الشاماتِ ننفي الموعديناوقد هرّتْ كلابُ الحيِّ منّا
وشذّبنا قتادةَ من يلينامتى ننقلْ إلى قومٍ رحانا
يكونوا في اللقاءِ لها طحينايكونُ ثقالُها شرقيَّ نجدٍ
ولهوَتُها قضاعةَ أجمعينانزلتم منزلَ الأضيافِ منّا
فأعجلنا القِرى أن تشتموناقريناكم فعجّلنا قراكم
قبيلَ الصبحِ مرداةً طحونانعمُّ أناسَنا ونعفُّ عنهم
ونحملُ عنهمُ ما حمّلونانُطاعنُ ما تراخى الناسُ عنّا
ونضربُ بالسيوفِ إذا غشينابسمرٍ من قنا الخطّيِّ لدنٍ
ذوابلَ أو ببيضٍ يختليناكأنَّ جماجمَ الأبطالِ فيها
وسوقٌ بالأماعزِ يرتمينانشقُّ بها رؤوسَ القومِ شقّاً
ونختلبُ الرقابَ فتختليناوإنَّ الضغنَ بعدَ الضغنِ يبدو
إقرأ أيضا:قصة لعقة من العسل
عليكَ ويُخرجُ الداءَ الدفيناورثنا المجدَ قد علمتْ معدٌّ
نُطاعنُ دونهُ حتى يبيناونحنُ إذا عمادُ الحيِّ خرّتْ
عن الأحفاضِ نمنعُ من يلينانجذُّ رؤوسَهم في غيرِ برٍّ
فما يدرونَ ماذا يتّقوناكأنَّ سيوفَنا منّا ومنهم
مخاريقٌ بأيدي لاعِبيناكأنَّ ثيابَنا منّا ومنهم
خضبنَ بأرجوانٍ أو طليناإذا ما عيَّ بالإسنافِ حيٌّ
من الهولِ المشبّهِ أن يكونانصبنا مثلَ رهْوةِ ذاتِ حدٍّ
محافَظةً وكنّا السابقينابشبانٍ يرونَ القتلَ مجداً
وشيبٍ في الحروبِ مجرّبيناحديّا الناسِ كلّهمُ جميعاً
مقارعةً بنيهم عن بنينافأمّا يومَ خشيتِنا عليهم
فتصبحُ خيلُنا عصباً ثبيناوأمّا يومَ لا نخشى عليهم
فنُمعنُ غارةً متلببينابرأسٍ من بني جشمٍ بن بكرٍ
ندقُّ بهِ السهولةَ والحزوناألا لا يعلمُ الأقوامُ أنّا
تضعضعنا وأنّا قد ونيناألا لا يجهلنّ أحدٌ علينا
فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينا
🪙 التحليل الأدبي:
المعلقة تبدأ بنداءٍ احتفالي:
“ألا هبّي بصحنك فاصبحينا” وكأنها دعوة للشراب والاحتفال، لكنها تتحول تدريجيًا إلى ملحمة فخر، تصف فيها قبيلة تغلب بأنها لا تُهان، ولا تُذل، وأنها تورد الرايات بيضًا وتُصدرها حمرًا من دماء الأعداء.
القصيدة تمزج بين:
- الفخر بالنسب: “ورثت مهلهلًا والخير منه”
- الفخر بالبطولة: “نطاعن ما تراخى الناس عنّا”
- الفخر بالكرم: “نُطعم إذا قدرنا، ونهلك إذا ابتُلينا”
- الفخر بالمرأة: “أخذن على بعولتهن عهدًا”
- الفخر بالطفل: “إذا بلغ الفطام لنا صبيٌّ، تخرّ له الجبابر ساجدين”
كل بيت في المعلقة هو سهمٌ من سهام الكبرياء، وكل شطرٍ هو درعٌ من دروع المجد.
🖼️ صور مختارة:
تم العثور على مجموعة من الصور التي تُظهر عمرو بن كلثوم وتتناول قصته ومعلقته، وستُعرض لك الآن في البطاقة المرئية.
🪞 النهاية والعبرة:
قصة عمرو بن كلثوم ليست مجرد حادثة قتل ملك، بل هي درسٌ خالد في أن الكرامة لا تُساوَم، وأن الفخر بالنسب لا يُهان، وأن الشعر الجاهلي لم يكن مجرد كلمات، بل كان سيوفًا تُشهر في وجه الظلم.
العبرة: لا تختبر كرامة من وُلد في المجد، فإن سيفه قد يسبق لسانه، ويكتب التاريخ بدمه لا بحبره.