🕋 سفر إبراهيم عليه السلام إلى مكة ومعجزة زمزم
جدول المحتويات
من العراق إلى فلسطين ثم مصر
هاجر إبراهيم عليه السلام من العراق بعد أن قابله قومه الوثنيون بالتكذيب والصدّ، وأرادوا حرقه بالنار، فأنجاه الله منها. ثم استقر في مدينة الخليل بفلسطين، التي سُمّيت لاحقًا باسمه، لكنه اضطر للرحيل إلى مصر بسبب الحاجة للطعام.
وكانت زوجته سارة من أجمل نساء الأرض، فلما رآها فرعون مصر أرادها، فدعت الله أن يصرف كيده عنها، فكان كلما اقترب منها يُصرع، ويطلب منها أن تدعو له، وتكررت الحادثة حتى علم أن سارة محفوظة بحفظ الله، فأطلقها وأعطاها جارية تُدعى هاجر.
وهبت سارة هاجر لإبراهيم عليه السلام، لأنه لم يُرزق منها بولد بعد عشرين عامًا من الزواج، فدخل بها، فحملت وولدت إسماعيل عليه السلام.
🏜️ الوصول إلى مكة وترك هاجر وإسماعيل
أمر الله إبراهيم أن يذهب بهاجر وابنه إسماعيل إلى مكة، وكانت حينها صحراء قاحلة لا ماء فيها ولا بشر. تركهما هناك، فسألته هاجر:
“يا إبراهيم، إلى أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي لا أنس فيه ولا شيء؟” فلم يجبها، حتى قالت: “آلله أمرك بهذا؟” قال: “نعم” قالت: “إذن لا يضيعنا”
ثم توجه إبراهيم عليه السلام بالدعاء:
إقرأ أيضا:بماذا أهلك الله قوم فرعون“رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ…” (إبراهيم: 37)
💧 معجزة ماء زمزم
نفد الماء، واشتد الكرب على هاجر، فصعدت إلى جبل الصفا ثم إلى المروة سبع مرات، تبحث عن مغيث، حتى جاء جبريل عليه السلام، فضرب الأرض برجله، فانفجرت منها عين ماء عظيمة، سُمّيت زمزم.
قال النبي ﷺ:
“يرحمُ اللهُ أم إسماعيلَ، لو كانت تركت زمزمَ – أو قال: لو لم تغرف من الماءِ – لكانت زمزمُ عيناً معيناً” (رواه البخاري)
شربت هاجر وإسماعيل حتى شبعا، وبقي ماء زمزم جاريًا، حتى ولي مكة قوم جرهم، ثم خزاعة، التي أخرجت جرهم من مكة، فدفنوا بئر زمزم ومحو أثرها، وظلت مدفونة حتى زمن النبي محمد ﷺ.
🛠️ حفر زمزم في عهد عبد المطلب
رأى عبد المطلب جد النبي ﷺ رؤيا يأمره فيها بحفر زمزم، فقال له الصوت في المنام:
“احفر زمزم، إنك إن حفرتها لن تندم…”
ثم دلّه على مكانها:
“عند قرية النمل، عند نقر الغراب غدًا”
فذهب مع ابنه الحارث، ووجد العلامات بين وثنين من أوثان قريش: إساف ونائلة، وعندما بدأ الحفر، اعترضته قريش، لكنه أصرّ وقال:
إقرأ أيضا:محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله“ذُد عني، فوالله لأمضين لما أُمرت به”
فحفر، ووجد الماء يتدفّق، ثم وجد أسيافًا، وغزالتين من ذهب، ودروعًا كانت جرهم قد دفنتها. طالبت قريش بنصيب، فاقترح عبد المطلب أن يُضرب عليها بالقداح عند هُبل، فجاءت الغزالتان للكعبة، والأسياف لعبد المطلب، ولم يكن لقريش شيء.
فجعل عبد المطلب الذهب للكعبة، وكانت أول مرة تُكسى فيها الكعبة بالذهب، وجعل ماء زمزم سُقيا للحجيج.
📝 خاتمة
منذ أن وطئت أقدام إبراهيم عليه السلام أرض مكة، بدأت رحلة التوحيد في هذا الوادي المبارك، ومن ماء زمزم الذي تفجّر ببركة دعاء نبي، إلى الكعبة التي رُفعت على يد إبراهيم وإسماعيل، إلى عبد المطلب الذي أعاد زمزم للحجيج، كانت كل خطوة تمهيدًا لمبعث خير الخلق، محمد ﷺ.
إقرأ أيضا:قصة حاتم الطائيفما من مشهد في هذه القصة إلا ويُهيّئ الأرض لرسالة السماء، وما من دعاء إلا ويُمهّد لبعثة النبي الذي قال الله فيه:
“وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107)
فصلى الله وسلم على محمد، الذي ورث دعوة إبراهيم، وسُقي من زمزم، وطاف بالكعبة، وأتمّ النور الذي بدأه الأنبياء، فكان خاتمهم، وأعظمهم، وأرحمهم.