قصص دينية

قصة حاتم الطائي

📘 قصة حاتم الطائي – سيد الكرم ومضرب المثل في الجود

🟢 المقدمة

حاتم الطائي ليس مجرد شاعر من شعراء الجاهلية، بل هو أسطورة في الكرم، ورمز خالد للجود والسخاء، حتى صار اسمه مضرب المثل في العطاء بلا حدود. نشأ في نجد من قبيلة طيء، وتزوج ماوية بنت حجر الغسانية في الشام، وكان فارسًا شجاعًا، وشاعرًا له ديوان واحد، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى في الذاكرة العربية. يُكنى بأبي سفانة وأبي عدي، وقد أدرك الإسلام وأسلم أبناؤه، وكان له مواقف خالدة في الكرم، حتى قيل إنه أضاف الناس حيًا وميتًا.

✍️ مواقف من حياته وشعره

كان حاتم الطائي كريمًا بطبعه، لا يرد سائلًا، ولا يضنّ بشيء، حتى على نفسه. من شعره الذي يُظهر مروءته:

أأفضح جارتي وأخون جاري فلا والله أفعل ما حييت

وما من شيمتي شتم ابن عمي وما أنا مخلف من يرتجيني

وقد عاب عليه بعضهم كثرة الإنفاق، فردّ قائلاً:

إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق

وكان يرى أن المال وسيلة للكرم، لا غاية للبخل، فقال ردًا على المتلمس:

إقرأ أيضا:إرسال هود إلى قوم عاد

فلا الجود يفني المال قبل فنائه ولا البخل في مال الشحيح يزيد

ومن مواقفه العجيبة، أنه وفد على النعمان بن المنذر، فأكرمه وزوّده بجملين من الذهب والفضة، فلما عاد إلى قومه، تقاسم معهم كل ما أُعطي، حتى لم يبق له شيء، فقالت له جاريته طريفة: “اتق الله وأبقِ على نفسك”، فردّ عليها بأبيات تؤكد أن المال لا يُحبس عنده، بل يُنفق في سبيل المعروف.

🧑‍🌾 كرم حاتم في الضيافة

سُئل حاتم: هل في العرب من هو أكرم منك؟ فقال: “كل العرب أكرم مني”، ثم روى قصة غلام يتيم ذبح له شاة، ثم لما أعجبه دماغها، ظل يأتيه بها حتى ذبح مائة شاة، ولم يبق له شيء. فقال حاتم: “ومتى أبلغ شكره؟” ثم أعطاه مائة ناقة من خيار إبله، مكافأة على كرمه.

وكانت أمه عنترة بنت عفيف لا تمسك شيئًا، حتى حبسوها سنة كاملة، فلما خرجت، أعطوها مالًا، فجاءتها امرأة من هوازن، فأعطتها المال كله، وقالت:

فآليت أن لا أمنع الدهر جائعًا فكيف بتركي يا ابن أمي الطبائعا

🪦 كرم حاتم بعد وفاته

حتى بعد وفاته، ظل اسمه حيًا في الكرم. فقد مرّ نفر من عبد القيس بقبره، فقال أحدهم: “يا أبا جعد، اقرنا”، أي أكرمنا. فأنكر عليه أصحابه مخاطبة من مات. وفي الليل، رأى هذا الرجل حاتمًا في المنام، ينشده شعرًا، ويخبره أنه أكرمهم، وأن عليهم أن ينحروا ناقته. فوجدوا ناقته ميتة، فطبخوها وأكلوا منها، وقالوا: “لقد أضافنا حاتم حيًا وميتًا”. وفي الصباح، جاءهم رجل يحمل بعيرًا، وقال: “حاتم أتاني في المنام، وأمرني أن أحمل أبا الخيبري، وهذا بعير له”، فكان ذلك من أعجب ما يُروى في الكرم.

إقرأ أيضا:مائدة عيسى السماوية

🔚 الخاتمة

حاتم الطائي لم يكن مجرد فارس أو شاعر، بل كان مدرسة في الكرم، ومثالًا حيًا في الجود، حتى صار اسمه يُضرب به المثل في العطاء. عاش كريمًا، ومات كريمًا، وظل ذكره حيًا في القلوب، وفي الشعر، وفي القصص، وفي الأمثال. لقد علّم الناس أن الكرم لا يُقاس بالمال، بل بالنفس، وأن الجود لا يُفني المال، بل يُباركه. فسلامٌ على حاتم، حيًا وميتًا، وسلامٌ على كل من سار على دربه في الكرم والمروءة.

السابق
من الذي نادى الناس إلى حج بيت الله
التالي
قصة الاسراء و المعراج