🕊️ عبير … طفلةٌ أرادت الجنة
في صباح عيد الأم، وبين أنقاض الحرب، تفتح عبير عينيها على مشهدٍ يملأ قلبها بالحسرة: ابنتا عمها تركضان نحو أمهما بباقة ورد، بينما هي لا تملك سوى الذكرى. عبير، ذات العشرة أعوام، فقدت أمها وأسرتها، لكنها لم تفقد الأمل. حلمت بالجنة، وسعت إليها، حتى اختطفها الرصاص الغادر وهي تهتف للحياة.
📖 القصة :
أشرقت شمس يوم جديد، كان الحادي والعشرون من مارس، عيد الأم. أطلت عبير من نافذة غرفتها الصغيرة، وهي تحمل قلبًا مثقلًا بالحزن، فقد فقدت أمها وأسرتها في الحرب. رأت ابنتي عمها تركضان نحو أمهما، تحملان باقة ورد قطفاها من حديقة مقصوفة، فاحتضنتهما وضحكتهما تملأ المكان.
امتلأت عينا عبير بالدموع، وتخيلت نفسها تقدم لأمها هدية وورقة مكتوب عليها: “أحبك يا أمي”. لم تستعد وعيها إلا وهي جالسة على قبر أمها، تتمنى لو تكون معها.
كانت عبير صبورة، تخفي حزنها، وتدعو الله ليلًا ونهارًا بالصبر والسلوان. وفي صباح آخر، وجدت نفسها في حضن زوجة عمها، تلاعب شعرها، فسألتها: “أين ذهبت أمي؟” أجابتها: “في الجنة إن شاء الله.” قالت عبير: “وما هي الجنة؟” فحدثتها عنها، فقالت الطفلة: “أريد أن أذهب إلى الجنة!”
لم تعرف المرأة ماذا تقول، فمسحت على رأسها وقالت في نفسها: “بعيد الشر عنك يا روحي.”
إقرأ أيضا:حكايات من التراثوفي ذلك اليوم، مرت مظاهرة أمام البيت، يهتف الناس: “عالجنّة رايحين، شهداء بالملايين.” لبست عبير حذاءها، وخرجت معهم، تهتف وتردد. وعند العودة، سألت: “لماذا لم نذهب إلى الجنة؟ أريد أن أذهب!”
وفي يوم الجمعة، تكررت المظاهرة، فلبست عبير ثيابها، وقالت للجميع: “هل تريدون أن تذهبوا معي إلى الجنة؟” ضحكت زوجة عمها، والدموع تملأ عينيها، وخرج الجميع يهتفون.
لكن صوت الرصاص ارتفع فوق صوتهم، وأصاب جسد عبير. بكت الطفلة من الألم، وقالت: “متى نذهب إلى الجنة؟” بكى الجميع، بكى الأطباء، بكى المسعفون، حاولوا إنقاذها، لكن دون جدوى.
إقرأ أيضا:قصة قبل النوم🪙 النهاية والعبرة:
عبير لم تكن تبحث عن الموت، بل عن أمها، عن دفءٍ افتقدته، عن مكانٍ لا يُقصف فيه الحلم. العبرة: أن الحرب لا تقتل فقط بالأرقام، بل تقتل بالأحلام الصغيرة، بالقلوب التي أرادت الحياة فوجدت الموت.