📘 قصة أصحاب الفيل – حماية الله لبيته وولادة النور
جدول المحتويات
قصة أصحاب الفيل من أعظم القصص التي خلدها القرآن الكريم، وجعلها آية من آيات الله في نصرة الحق، وإظهار قدرته في الدفاع عن بيته الحرام دون تدخل بشري. إنها قصة الطغيان الذي أراد أن يهدم الكعبة، فتصدى له رب الكعبة بجيش من الطير، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه الاعتداء على مقدسات الله. وقد وقعت هذه الحادثة في عام الفيل، وهو العام الذي وُلد فيه النبي محمد ﷺ، لتكون بداية النور بعد ظلمة الطغيان.
✍️ القصة
في زمنٍ قديم، كان ملك اليمن “ذو نواس” يضطهد نصارى نجران، فقام بحرقهم، ونجا منهم رجل يُدعى “دوس”، الذي ذهب إلى قيصر الروم طالبًا النصرة، فبعثه إلى النجاشي ملك الحبشة. غضب النجاشي، وجهّز جيشًا بقيادة “أرياط” و”أبرهة”، فانتصروا على اليمن، وأصبح أرياط حاكمًا، ثم انقلب عليه أبرهة، واستولى على الحكم، فأعلن ولاءه للنجاشي، فعفا عنه وأبقاه واليًا على اليمن.
أراد أبرهة أن يصرف العرب عن الكعبة، فبنى كنيسة عظيمة في اليمن، ودعا الناس للحج إليها، لكن العرب رفضوا، بل قيل إن بعضهم لوّث الكنيسة، فغضب أبرهة، وقرر أن يهدم الكعبة، وجهّز جيشًا ضخمًا، وخرج على رأسه ممتطيًا فيلًا ضخمًا، متوجهًا إلى مكة.
عندما اقترب من مكة، أرسل من ينهب أموالها، ثم بعث رسولًا إلى عبد المطلب، سيد قريش، وقال له: “أنا لم آت لحرب، بل جئت لأهدم هذا البيت، فلو استسلمتم، حقنت دماؤكم”. فردّ عليه عبد المطلب بثقة المؤمن: “للبيت رب يحميه”
إقرأ أيضا:تلخيص قصة هاتف من الأندلسانسحب أهل مكة إلى الشعاب، وصعد أحد أبناء عبد المطلب إلى جبل أبي قبيس، فرأى سحابة سوداء تتجه من البحر الأحمر نحو مكة. أما الفيل، فرفض أن يتقدم نحو الكعبة، وكلما وُجّه يمينًا أو شمالًا، انحرف عنها، وكأنه مأمور بعدم المساس بها.
ثم جاءت طيور من البحر، كأنها الخطاطيف، تحمل في منقارها حجرًا، وفي رجليها حجرين، وألقت الحجارة على جيش أبرهة، فكان الحجر يخترق الرجل ويخرج من الجانب الآخر، فهلك الجيش، وفرّ من استطاع، وأُصيب أبرهة، ومات في صنعاء.
وقد خلد الله هذه الحادثة في سورة الفيل، فقال: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيل * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ (سورة الفيل: 1–5)
وفي هذا العام، وُلد النبي محمد ﷺ، ليبدأ عهد النور، بعد أن أظهر الله قدرته في حماية بيته، دون أن يحمل أحد سيفًا أو يطلق سهمًا.
📚 العبر والدروس
قصة أصحاب الفيل تعلمنا أن الله هو الحامي والمدافع، وأن الطغيان مهما بلغ، لا يصمد أمام إرادة الله. فيها عبرة في الثقة بالله، كما قال عبد المطلب: “للبيت رب يحميه”، وفيها درس أن المقدسات لا تُدافع عنها بالقوة فقط، بل بالإيمان، وأن الله لا يُخلف وعده.
إقرأ أيضا:قصص عشقكما تُظهر القصة أن بداية النور تأتي بعد الظلمة، فقد وُلد النبي ﷺ في عام الفيل، ليكون رحمة للعالمين، بعد أن رأى الناس كيف يدافع الله عن بيته، وكيف يُهلك من أراد به سوءًا.
🔚 الخاتمة
قصة أصحاب الفيل ليست مجرد حدث تاريخي، بل هي آية من آيات الله، ودليل على قدرته، وعبرة لكل طاغية. لقد أراد أبرهة أن يهدم الكعبة، فهدم الله جيشه، وأبقى بيته شامخًا، ليكون مهوى أفئدة المؤمنين، ومقامًا للعبادة، ومركزًا للتوحيد. فلنثق بالله، ولنحفظ مقدساتنا، ولنتذكر دائمًا أن للبيت ربًا يحميه.