قصص عربية

شهامة رجل

🐎 عائشة وياسين: بين الجسر والمصير

 

🌿 الفصل الأول: بيت بين الطبيعة

بين الجبال المورقة، وتحت ظلال الأشجار، وفي حضن الأزهار الملونة، كان هناك منزل كبير تحيط به الحقول من كل جانب. في هذا البيت، عاشت أسرة صغيرة مكونة من الأب محمد، رجل ذو منصب رفيع، رئيس قرية تبعد عنهم أربعين قدمًا، والأم خديجة، امرأة هادئة حنونة، وابنتهما الوحيدة عائشة، فتاة في الثانية والعشرين من عمرها، عاشقة للطبيعة، للربيع، ولرائحة المطر حين يلامس التراب.

كانت عائشة تعيش حياة مترفة، لكن قلبها كان بسيطًا، يميل إلى التأمل والهدوء. كانت تحب أن تنام على العشب، وتغني للزهور، وتكتب خواطرها على أوراق الشجر.

🌉 الفصل الثاني: الجسر الذي لا يُنسى

في صباحٍ ندي، قررت عائشة أن تبتعد قليلاً عن الحديقة، فامتطت حصانها “ياتاويس”، وانطلقت نحو الجسر الكبير الذي طالما حلمت بعبوره. كانت المياه تحته تتدفق بقوة، وصوتها يثير الرهبة، لكنها تابعت المسير بثقة.

وعند منتصف الجسر، حدث ما لم يكن في الحسبان. قفز الحصان فجأة، فاختل توازنها، وسقطت في الماء. ارتطم جسدها بالتيار، وغابت عن الأنظار، بينما فرّ الحصان عائدًا إلى المنزل، يلهث ويرتجف.

إقرأ أيضا:قصة كليلة ودمنة

🏃‍♂️ الفصل الثالث: الأب الذي مزقته الصدمة

رأت خديجة الحصان وحده، فصرخت:

“محمد! لقد عاد الحصان وحده… أين عائشة؟”

ركض محمد بثياب النوم، كالمجنون، نحو الجسر. كان يعلم أن ابنته عنيدة، وأنها كانت تتحدث عن الضفة الأخرى مرارًا، لكنه كان يرفض دائمًا.

“اللعنة… يا لعنادك يا عائشة!” صرخ وهو يركض.

أمر رجاله بالبحث، وجاءه أحدهم، عادل، وقال:

“سيدي، الجسر مكسور، والمياه قوية… لقد فقدنا الأمل.”

شد محمد قميصه بعنف، وقال:

“أقسم بالله، إن لم تعثروا عليها، فأنتم مطرودون!”

حاولت خديجة تهدئته، فقالت:

“ربما هذا امتحان من الله… فلنصبر.”

لكن محمد كان يخفي سرًا، فقد كانت عائشة ابنته من امرأة أخرى، لا يعلم بها أهل القرية، وكان يخشى الفضيحة أكثر من فقدان ابنته.

🛖 الفصل الرابع: كوخ من القش… ويد من رحمة

في كوخٍ صغير على أطراف القرية، كان ياسين، شاب فقير، راعٍ للغنم، يجلس قرب النار. سمع صوتًا ضعيفًا، فخرج، فوجد فتاة ترتعش، مبللة، بالكاد تتنفس. حملها، وأدخلها الكوخ، وغطّاها بثوبه، ووضع قطعة قماش مبللة على جبينها.

غفت عيونه، لكن فجأة، دخلت أفعى صغيرة، ولدغت عائشة، فصرخت. فزع ياسين، وضرب الأفعى بعصاه، وحمل عائشة راكضًا إلى أقرب عيادة.

إقرأ أيضا:حوار بين حيوانين

🏥 الفصل الخامس: بين الحياة والهوية

استقبل الأطباء عائشة بسرعة، وأخرجوا السم من جسدها. جلس ياسين ينتظر، فقال له الطبيب:

“أليست هذه ابنة رئيس القرية؟”

ضحك ياسين وقال:

“أنا راعٍ غنم، كيف لي أن أعرفها؟”

استيقظت عائشة، ورأت وجه ياسين، فقالت:

“هل أنت من أنقذني؟”

أجاب:

“نعم، أنا ياسين.”

دار بينهما حوارٌ صريح، اعترف فيه ياسين بأنه يحب والدها، لكنه يتظاهر بكرهه أمام الناس، خوفًا من أن يُستغل. لكن عائشة واجهته:

“أنت تكرهه، لا تخف مني، لن أخبره.”

فانفجر ياسين:

“نعم، أكرهه! ولو كان أمامي لمزقته بأسناني!”

دخل الطبيب، فهدأت الأجواء، ثم طلبت عائشة العودة إلى المنزل.

🏡 الفصل السادس: العودة إلى البيت

عاد ياسين بعائشة إلى المنزل، وهناك كان الأب والأم ينتظران خبرًا. دخل أحد الرجال وقال:

“سيدي، عادت عائشة… لكن ليس وحدها.”

إقرأ أيضا:حكايات من التراث

دخلت عائشة وياسين، وركض محمد نحو ابنته، وضمّها بقوة، والدموع في عينيه، دون أن يسأل عن التفاصيل، وكأن الحب غلب الخوف، وكأن اللقاء محا كل الأسرار.

العبرة من الحكاية

  • الطبيعة قد تكون ملاذًا للروح، لكنها أيضًا تختبر الشجاعة.
  • السلطة لا تحمي من المصائب، لكن الحب الحقيقي قد ينقذ الأرواح.
  • الصدق يحرر، حتى لو كان مؤلمًا، والكتمان قد يُثقل القلب.
  • الإنسانية لا تعرف الطبقات، وياسين الفقير كان أغنى من الجميع في لحظة واحدة.
  • الاعتراف بالمشاعر، حتى لو كانت قاسية، هو أول خطوة نحو الشفاء.
السابق
التاجر الأمين
التالي
ما أشهر خفين في التاريخ