قصص عربية

ذلك الرجل الغريب

📌 ذلك الرجل… الغريب قصة قصيرة عن رجلٍ مجهول، لكنه ترك أثرًا لا يُنسى في قلب من رآه.

تحكي القصة عن رجلٍ مسنّ، فقير، يجلس يوميًا على الرصيف في زحمة المدينة، لا يملك سوى جسده النحيل وأدواته البسيطة، لكنه يملك ما هو أعظم: الإرادة والصبر والمطاولة. يراقبه الراوي من بعيد، ويقرر أن يكتب عنه، لكنه حين يصل إلى مكانه المعتاد، يكتشف أن الرجل قد رحل عن الدنيا، تاركًا خلفه درسًا لا يُنسى في الكفاح والكرامة.

📖 القصة 

في قلب المدينة، حيث الضجيج لا يهدأ، والزوايا تختنق بالفوضى، كان هناك رجلٌ غريب، لا يعرفه أحد باسمه، لكن كل من مرّ به شعر بشيء من الاحترام نحوه. كان يجلس القرفصاء على الرصيف، بثيابٍ مهلهلة، وجسدٍ نحيل تقوّس بفعل الزمن، ووجهٍ تغطيه تضاريس غامضة، كأنها خريطة عمرٍ طويل من التعب.

لم يكن يكترث لأشعة الشمس المحرقة، ولا لزخات المطر، ولا لصخب المارة. كان يجلس هناك كل يوم، في ذات البقعة، بلا جدران تحميه، ولا سقف يظلّه، فقط الأرض والسماء، وبعض الأدوات التي يستخدمها في إصلاح الأشياء.

جاء هذا الرجل من خلف سبعين عامًا من الحياة، ترك خلفه أفواهًا مشرعة، تنتظر لقمةً يسدّ بها جوعها. كان يعمل بصمت، لا يشكو، لا يتذمر، فقط يصبر ويصمد.

إقرأ أيضا:قصة علاء الدين والمصباح السحري

وفي أحد الأيام، قرر الراوي أن يكتب عنه، أن يلتقيه، أن يُجري معه سبقًا صحفيًا يستحق النشر. حثّ الخطى، خائفًا أن يسبقه أحد، لكنه حين وصل إلى المكان، لم يجد الرجل.

تساءل: هل غادر مبكرًا؟ هل انتقل إلى مكانٍ آخر؟ هل منعوه من الجلوس هنا؟ أم أن شيئًا آخر قد حدث؟

سأل صاحب المحل المجاور، فقال له بهدوء:

“لقد انتقل إلى رحمة الله.”

تلعثم الراوي، لم يستطع الرد، لم يسأل عن ظروف الوفاة، فقط غادر المكان، يتمتم بكلماتٍ لا ترابط بينها، كأن الحزن قد عقد لسانه.

قال في نفسه:

“لقد كان مثالًا للإنسان المكافح، من رآه وتعلّم منه، فقد نال درسًا لا يُنسى.”

العبرة من الحكاية

  • الصبر والمطاولة هما سلاح الفقراء في وجه الحياة.
  • الكرامة لا تحتاج إلى مال، بل إلى قلبٍ لا يعرف الانكسار.
  • بعض الأشخاص لا نعرف أسماءهم، لكنهم يتركون فينا أثرًا لا يُمحى.
  • العمل الشريف، مهما كان بسيطًا، هو تاجٌ على رأس صاحبه.
  • الرحيل الصامت قد يكون أبلغ من ألف خطبة، حين يترك خلفه دروسًا في الإنسانية.
السابق
ما أشهر خفين في التاريخ
التالي
رواية سقف الكفاية