🎭 سهرت منه الليالي – حكاية امرأة تسهر على وجعها
جدول المحتويات
في أحد أحياء تونس الشعبية، تعيش امرأة بسيطة، أمّية، لا تعرف من الحياة سوى ما فُرض عليها. زُوّجت رغماً عنها لرجلٍ لا يعرف من الرجولة سوى قسوتها، رجلٍ يتعاطى السكر، ويقضي لياليه في العربدة، ويعود إلى بيته محمّلًا بالسباب والبذاءة، ينهال بها على زوجته وأطفاله، دون رحمة أو خجل.
كانت المرأة تعيش في بيتٍ لا يعرف الفرح، ولا يزوره النور، بيتٍ تغمره الكآبة، ويخنقه الفقر، ويُثقل جدرانه صراخٌ لا ينتهي. زوجها لا يكتفي بإهانتها، بل يكره أبناءه، ويعاملهم كما لو كانوا عبئًا على حياته، لا امتدادًا لها.
👵 الخالة: صوت الحكمة الشعبية
في هذا الجو القاتم، كانت الخالة هي المتنفّس الوحيد للزوجة، تزورها بين الحين والآخر، تستمع إلى شكواها، تمسح دموعها، وتصرخ معها في وجه الظلم. كانت الخالة امرأة تونسية شعبية، قوية، صارمة، لا تخشى المواجهة، ترى أن الطلاق هو الحل الوحيد لإنقاذ ابنة أختها من هذا الجحيم.
وفي إحدى الزيارات، انفجرت الخالة غضبًا، وبدأت تصرخ وتوبّخ، تطالب بالتحرر من هذا الرجل الذي لا يُطاق، لكن الزوجة، رغم كل ما تعانيه، طلبت منها أن تخفض صوتها، لأن زوجها نائم، ولا تريد أن تزعجه.
إقرأ أيضا:قصة عن التعاون🕯️ المرأة التي تسهر على راحة جلادها
هنا تتجلّى المفارقة الكبرى: امرأةٌ تعاني من الإهانة والحرمان، لكنها تسهر على راحة من يُعذّبها. لا لأنها تحبه، بل لأنها تربّت على الطاعة، على الخضوع، على أن الزوج هو السيد، حتى لو كان ظالمًا.
هذه اللحظة هي ذروة القصة، حيث يكشف علي الدوعاجي عن صورة المرأة الشرقية التي تُربّى على الصبر، لا على الكرامة، وعلى التضحية، لا على النجاة. امرأةٌ لا ترى نفسها، بل ترى راحة الآخر، حتى لو كان سبب شقائها.
✍️ الرسالة الأدبية والاجتماعية
قصة سهرت منه الليالي ليست مجرد حكاية عن زوجة تعيسة، بل هي صرخة ضد القهر الاجتماعي، وضد ثقافة الطاعة العمياء التي تُغرس في النساء منذ الصغر. علي الدوعاجي، بأسلوبه الساخر والناقد، يُسلّط الضوء على:
- الجهل والأمية كأدوات قمع
- الزواج القسري كفخٍ اجتماعي
- المرأة الشعبية كرمزٍ للوعي المقاوم
- الاستعمار الثقافي الذي خلّف مجتمعًا يرزح تحت التقاليد دون تفكير
وقد حملت هذه القصة عنوان المجموعة القصصية التي ترجمت لاحقًا إلى الإنجليزية، لتُعرّف العالم على واقع تونسي حيّ، بأسلوبٍ يجمع بين المرح والمرارة، وبين السخرية والصرامة.
إقرأ أيضا:قصص حب حقيقيه