قصص دينية

تلخيص قصة أصحاب الكهف

📘 قصة أصحاب الكهف – الإيمان في زمن الفتنة والنوم في كهف الرحمة

القرآن الكريم كتاب هداية، أنزله الله ليكون نورًا للقلوب، وشفاءً للنفوس، ومن أعظم أساليبه في التربية والتوجيه القصص القرآني، الذي يجمع بين العبرة والتأثير، ويخاطب العقل والوجدان. ومن هذه القصص الخالدة، قصة أصحاب الكهف، التي وردت في سورة تحمل اسمهم، لتكون مثالًا في الثبات على الدين، والفرار من الفتنة، والتوكل على الله في زمن الجحود والظلم. إنها قصة فتية آمنوا بربهم، فزادهم الله هدى، وحفظهم في كهفٍ لثلاثمئة وتسع سنوات، ثم بعثهم ليكونوا آية للناس على قدرة الله في البعث.

✍️ القصة كما وردت في القرآن الكريم

في سورة الكهف، تبدأ القصة بقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ (الكهف: 9) وهذا توجيه من الله أن هذه القصة ليست أعجب آياته، بل هي واحدة من دلائل قدرته.

كان أصحاب الكهف فتيةً يعيشون في مجتمع مشرك، فأنكروا عبادة الأصنام، وأعلنوا توحيدهم لله، وقالوا: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ (الكهف: 14) ولما خافوا على أنفسهم من الفتنة، قرروا الهجرة بدينهم، فلجؤوا إلى كهفٍ في الجبل، ودعوا الله أن يهيئ لهم من أمرهم رشدًا: ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (الكهف: 10)

إقرأ أيضا:أصحاب الكساء

فاستجاب الله دعاءهم، وضرب على آذانهم، فناموا نومًا عجيبًا امتد لثلاثمئة وتسع سنوات: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾ (الكهف: 11) وخلال نومهم، كان الله يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال، حتى لا تبلى أجسادهم: ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾ (الكهف: 18) وكان كلبهم باسطًا ذراعيه بالوصيد، يحرسهم، ويزيد من هيبة المشهد.

وحين شاء الله أن يبعثهم، استيقظوا يتساءلون عن مدة نومهم: ﴿وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ﴾ (الكهف: 19) فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعامًا، وكان يحمل معهم عملة قديمة، فلما دخل السوق، استغرب الناس أمره، وتجمهروا حوله، حتى عرفوا قصتهم، وعلِموا أن الله قادر على أن يبعث الموتى، كما بعث هؤلاء الفتية من نومهم الطويل.

وقد ماتوا بعد ذلك، واختلف الناس في شأنهم، حتى غلب رأي المؤمنين بأن يُبنى عليهم مسجد، تخليدًا لقصتهم، وتكريمًا لموقفهم: ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِدًا﴾ (الكهف: 21)

📚 الدروس والعبر من قصة أصحاب الكهف

  • الإيمان الحق لا يُقهر، ولو كان في قلب فتيةٍ شباب
  • الهجرة بالدين والفرار من الفتنة سبيل النجاة
  • التوكل على الله هو مفتاح الرحمة والرشد
  • الله يحفظ عباده الصالحين بقدرته، كما حفظ أجسادهم ونفوسهم
  • المعجزات القرآنية تؤكد قدرة الله على البعث، كما في قوله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ (الكهف: 12)
  • الحذر من الفتنة واجب، كما قالوا: ﴿فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا﴾ (الكهف: 19)
  • عددهم غير مهم، فالله قال: ﴿قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ﴾ (الكهف: 22)
  • قصة أصحاب الكهف ليست أعجب آيات الله، بل هي واحدة منها: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ (الكهف: 9)

🔚 الخاتمة

قصة أصحاب الكهف ليست مجرد سرد تاريخي، بل هي رسالة خالدة لكل مؤمن في زمن الفتنة. إنها دعوة إلى الثبات، والتوكل، والفرار إلى الله، حين يشتد الظلم ويُحاصر الإيمان. لقد حفظ الله هؤلاء الفتية، وأظهر قصتهم لتكون نورًا للمؤمنين، وعبرة للغافلين، ودليلًا على أن من صدق مع الله، فلن يضيعه، ولن يخذله، مهما طال الزمان، واشتدت المحن. فليكن أصحاب الكهف قدوتنا في زمن التحديات، ولنجعل من كهف الإيمان ملاذًا يحفظ علينا ديننا، ويقودنا إلى رحمة الله ورشده.

إقرأ أيضا:قصة الاسراء و المعراج
السابق
قصة أصحاب الأخدود
التالي
قصص من تاريخ الإسلام