🕌 الصحابة رضي الله عنهم: حملة الرسالة ومصابيح الهداية

بعث الله تعالى نبيه محمدًا ﷺ برسالة الإسلام الخاتمة، فكان بذلك خاتم الأنبياء والمرسلين، وجاء الأمر الإلهي بالدعوة بدءًا من الأقربين، كما قال تعالى:

“وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ” (الشعراء: 214) ثم أمره بالجهر بها: “فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ” (الحجر: 94)

وكما هو حال الأنبياء، لاقى النبي ﷺ من قومه رفضًا وأذى، لكن فئة مؤمنة استجابت لدعوته، ناصرته، ووقفت إلى جانبه، حتى انتشر الإسلام وقوي بهم. هذه الفئة هم الصحابة الكرام، الذين قال فيهم النبي ﷺ:

“خيرُ القرونِ قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” (رواه البخاري ومسلم)

🧑‍🤝‍🧑 من هم الصحابة؟

الصحابي هو من لقي النبي ﷺ مؤمنًا به ومات على الإسلام، سواء طالت صحبته أو قصرت، روى عنه أو لم يروِ، شارك في الغزوات أو لم يشارك. وقد أجمع العلماء على عدالتهم، لما ثبت من نصوص الكتاب والسنة في فضلهم.

قال تعالى:

“وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ…” (التوبة: 100)

👻 الصحابي الذي قيل إن الجن قتلته

ورد في بعض الروايات أن الصحابي سعد بن عبادة رضي الله عنه، مات مقتولًا على يد الجن، حيث قيل إنه بال في جحر، والجحور مساكن الجن، فقتلوه. وذُكر أنه وُجد ميتًا في مغتسله وقد اخضرّ جسده.

لكن علماء الحديث تتبّعوا هذه الروايات، وبيّنوا ضعف أسانيدها وعدم صحتها، رغم شهرتها في بعض كتب التراجم. لذا، لا يصح الجزم بأن الجن قتلته، وإنما هي روايات لا تثبت.

🏞️ ترجمة الصحابي الجليل سعد بن عبادة

• الاسم الكامل: سعد بن عبادة بن دليم الخزرجي الأنصاري
• الكنية: أبو ثابت، وقيل أبو قيس
• القبيلة: زعيم قبيلة الخزرج، من كبار الأنصار
• الفضائل:
  • شهد بيعة العقبة وكان أحد نقبائها
  • حامل راية الأنصار في الغزوات
  • معروف بجوده وسخائه
  • استشاره النبي ﷺ في غزوة الخندق بشأن إعطاء ثمار المدينة لغطفان، فأظهر موقفًا شجاعًا في رفض التنازل عن حق المسلمين

🗣️ روايته للحديث

لم يكن من المكثرين في الرواية، فقد روى عن النبي ﷺ نحو عشرين حديثًا بالمكرر.

🤲 دعاء النبي لآل سعد

روى قيس بن سعد بن عبادة أن النبي ﷺ زارهم، وكان سعد يرد عليه السلام بصوت خافت ليُكثر النبي من السلام عليهم. فلما علم النبي بذلك، دعا لهم، وقال:

“اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة” ثم أكل من طعامهم، وركب حمارًا أعدّ له، وأمر قيس أن يصحبه، فرفض، فقال له النبي ﷺ: “إما أن تركب، وإما أن تنصرف” فانصرف قيس، كما في الحديث الصحيح.

📝 خاتمة

الصحابة رضي الله عنهم هم الجيل الذي حمل الرسالة، وواجه التحديات، ونقل الدين إلينا صافيًا نقيًا. وسعد بن عبادة نموذج للقيادة، والكرم، والوفاء، والغيرة على الدين. وإن كانت بعض الروايات قد نُسبت إليه دون تثبّت، فإن سيرته الثابتة كافية لتخلّد أثره في تاريخ الإسلام.