أين كان يسكن قوم لوط

📜 قصة قوم لوط عليه السلام: الطغيان والعذاب

من سنن الله في خلقه أن يرسل الرسل لهداية الناس، وإقامة الحجة عليهم، فلا يُهلك الله قومًا إلا بعد أن يبيّن لهم طريق الحق. ومن بين هذه القصص القرآنية التي تحمل عبرًا عظيمة، قصة قوم لوط عليه السلام، الذين بلغوا من الطغيان مبلغًا لم يسبقهم إليه أحد، فاستحقوا عذابًا شديدًا، جعلهم عبرة لمن يعتبر.

🧭 نبذة بسيطة

سكن قوم لوط عليه السلام في قرية سدوم، الواقعة في منطقة البحر الميت، على الحدود بين فلسطين والأردن. وكان نبيهم لوط بن هاران، ابن أخ إبراهيم عليه السلام، وقد آمن مع عمه وسار على نهجه، حتى أرسله الله إلى أهل سدوم الذين فسدوا في الأرض، فدعاهم إلى التوبة، لكنهم كذبوه، فحلّ بهم عذاب الله.

📖 القصة كاملة كما وردت

كان لوط عليه السلام من الصالحين، وقد آمن مع عمه إبراهيم عليه السلام، ورافقه في رحلاته، حتى افترقا بسبب ضيق الأرض بمواشيهما. أرسله الله إلى أهل سدوم، الذين اشتهروا بالفساد والطغيان، فكانوا يأتون الذكران من دون النساء، ويمارسون الفاحشة علنًا دون حياء، ويقطعون الطريق، ويسلبون أموال التجار، ويجاهرون بالمنكرات.

دعاهم لوط عليه السلام إلى التوبة، وبيّن لهم أن ما يفعلونه مخالف للفطرة، وأن الله لا يرضى بهذا الفساد، لكنهم عاندوا واستكبروا، بل هددوه بالإخراج من القرية، وقالوا: ﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ (النمل: 56)

فأرسل الله الملائكة إلى لوط عليه السلام، وأخبروه أن العذاب قادم، وأمره أن يخرج من القرية مع أهله، ولا يلتفت أحد منهم، إلا امرأته التي كانت من الغابرين. قال تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ﴾ (الحجر: 73–74)

فخسف الله بهم الأرض، وأمطر عليهم حجارة من السماء، فهلكوا جميعًا، ولم يبق منهم أحد، وكانت قريتهم عبرة لمن بعدهم.

📌 فوائد وعبر

• الله لا يُهلك قومًا إلا بعد إقامة الحجة عليهم.
• الفاحشة العلنية والطغيان سبب في نزول العذاب.
• الفطرة السليمة ترفض ما فعله قوم لوط، وقد بيّن لهم نبيهم ذلك.
• التهديد لأهل الطهر دليل على انقلاب الموازين في المجتمعات الفاسدة.
• النجاة تكون بالإيمان، كما نجا لوط وأهله، إلا امرأته التي كانت من الكافرين.
• عذاب الله شديد، وقد يجمع بين الخسف والصيحة والحجارة، كما حدث لقوم لوط.

📚 معلومات إضافية

🏁 الخاتمة

قصة قوم لوط عليه السلام تظل تحذيرًا صارخًا لكل من يبدّل فطرته، ويجاهر بالمنكر، ويعرض عن دعوة الحق. لقد جعلهم الله عبرةً للمتقين، وموعظةً للغافلين، وسنةً لا تتبدل فيمن يصرّ على الفساد. نسأل الله أن يرزقنا الثبات على الفطرة، والنجاة من الفتن، وأن يحشرنا مع النبيين والصالحين.