تعريف الحب
لقد اختلف الفلاسفة والعلماء والفنّانون على مرّ الزمان في تحديد مفهوم الحبّ بدقّة، وذلك بسبب طبيعته غير المفهومة لما يتضمنّه من مشاعر استثنائيّة يتعرّض لها الفرد مرّات قليلة في حياته ولا يستطيع تحديد ماهيّتها على الفور؛ بل إنّه يواجه صعوبة في أغلب الأحيان في فهم هذا الشعور الذي يراوده، ويجدر لفت النّظر إلى أنّ الحبّ لا يقتصر فقط على حب شخص لشخص آخر وحسب؛ بل إنّ الإنسان قد يحبّ حيواناً على سبيل المثال، أو قد يحبّ مفهوماً مجرّداً كالحرّيّة، ولذلك فإنّ للحبّ تعريفات متعدّدة نجمت عن هذه الاختلافات، فيعرّفه البعض على أنّه: “شعور قويّ بالتعلّق والحاجة والتأثّر”، ويعرّفه آخرون بأنّه: “استعداد الشخص لتفضيل شخص آخر على نفسه”، أو أنّه: “اختيار الشخص للالتزام بمساعدة شخص معيّن واحترامه والاهتمام به”، وهكذا فإنّ للحبّ مفاهيم كثيرة تختلف باختلاف الزاوية التي يُنظر منها إلى هذا الشعور الفريد.
تعريف الزواج
يعرف الزواج في كلّ المجتمعات الإنسانيّة على أنّه إشهار ارتباط شخصين ببعضهما البعض وذلك بغرض تكوين أسرة مستقلّة جديدة تنطوي داخل المجتمع الإنسانيّ الكبير، وتتأسّس على التفاهم والتواصل الصحّي والاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة جميعهم الذين يربطهم الحبّ بدءاً من أساس الأسرة ألا وهما الزوجان المسؤولان بشكل أساسيّ عن جودة حياتيهما وحياة أطفالهما، ويعرف الزواج أيضاً على أنّه انتقال المرء من حياة العزوبيّة والفرديّة إلى حياة الشراكة التامّة وهو ما سيحتاج الكثير من الجهد لإبقاء هذه الشراكة على مستوى عالٍ من النجاح والوفاق ممّا سينعكس إيجاباً على أطراف العلاقة المعنيّين وعلى المجتمع ككل، ويعرف الزواج أيضاً بأنّه عقد رباط بين رجل وامرأة يستمرّ مدى الحياة -كما يفترض- ولا ينفسخ إلّا بالطلاق أو الهجر بقرار أحد الطرفين أو بالاتّفاق بينهما، ولكنّه في الأساس يعرف على أنّه عقد يقوم على الأبديّة، وعلى الزوجين احترام هذا المفهوم احتراماً تامّاً وإعطائه ما يجب من أجل تحقيق استقراره واستمراريّته، وبالطّبع فقد اختلفت الآراء حول تعريف الزواج تعريفاً موحّداً ولكنّه في النهاية يؤدّي إلى نفس المفهوم.
إقرأ أيضا:أسباب تعسر الزواجالفرق بين الحب والزواج
يرتبط الحبّ والزواج ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، كما أنّهما بالطّبع يؤثران ويتأثّران ببعضهما البعض إلّا أنّ لكلّ منهما خصائص محدّدة وسمات تختلف عن الآخر، ويمكن التفريق بينهما من حيث جوانب عدّة، ويمكن تلخيص الفروق في النقاط الآتية:
- يعتبر الزواج خياراً في مفهومه الأساسيّ بينما لا يعتبر الحبّ خياراً، فالإنسان يستطيع أن يختار الشخص الذي سيكمل معه حياته وذلك وفق أسس وقيم يعتمدها هو وتتوافق مع مرجعيّاته ومع مبادئه وتصوّره عن الحياة عموماً، بينما لا يمكن لأحد أن يختار الشخص الذي سوف يقع معه في الحبّ؛ وذلك لأنّ الحبّ شعور مفاجئ يراود الإنسان دون أن يختاره على وجه التحديد وهذا ما يجعل الزواج قائماً على الاختيار بينما يجعل الحبّ خالياً من الخيارات.
- الحبّ والزواج ليسا متطلّباً لأحدهما الآخر بل إنّهما قد يكونان منفصلين أو موجودين كليهما في الوقت نفسه، فقد يختار الإنسان شخصاً ليتزوجه دون أن يكون قد أحبّه بالفعل وذلك يرجع لأسباب عدّة قد تكون دينيّة أو ثقافيّة أو اجتماعيّة أو غير ذلك، بينما قد يحبّ الإنسان شخصاً ما ولكن قد لا تسعفهما الظروف إلى أن يحوّلا هذا الحبّ إلى علاقة دائمة قائمة على عقد القران، لذا فإنّ وجود أحدهما لا يتطلّب وجود الآخر بالضرورة.
- يعتبر الزواج شعيرة في المجتمعات الإنسانيّة، وهو طقس يقوم على الإشهار عن طريق الاحتفال لإعلان هذه الخطوة بين المرأة والرجل، أما الحب فهو علاقة لا يتمّ الإشهار بها؛ لأنّها لا تحتاج إلى قانون يشرعنها ويحميها كما يحتاج الزواج.
- الزواج يتطلّب الالتزام التامّ من كلا الطرفين، وذلك بما تتطلّبه هذه العلاقة من واجبات وحقوق متعارف عليها في المجتمع الذي يعيش فيه الزوجان، بينما لا يعتبر الحبّ كذلك من حيث تطلّبه للالتزام الكامل؛ بل إنّه يتطلّب التزاماً جزئيّاً في أغلب الأحيان ولا يعتبر شيئاً متعارفاً عليه بل هي حقوق وواجبات يحدّدها طرفي العلاقة بنفسيهما.
- يعيش الزوجان في بيت واحد من أجل تكوين أسرة مستقلّة، إلّا أنّ المحبَّين لا يعيشان في نفس المنزل حتّى يتمّ عقد القران بينهما وذلك بما توجبه أعراف المجتمع وقوانين الدين.
- الحبّ هو شعور موجّه للعائلة والأبناء والأصدقاء وغيرهم، إلّا أنّ الزواج يتم بين الرجل والمرأة.
الحب بعد الزواج
يتوق معظم الناس إلى ديمومة الطريقة التي أحبّوا بها إذا ما حصلوا على الحبّ قبل الزواج، وهو ما يجعلهم موهومين بأنّ الحبّ ما هو إلّا تلك الرومانسية التي تربط المتحابّين، إلّا أنّ هذا يشغلهم عن حقيقة الحبّ وصوره المختلفة التي تتعدّد بعد الزواج، فإذا كان حبّ ما قبل الزواج قائماً على الهيام بالحبيب ودوام التفكير به فإنّ الحبّ بعده يكمن في الكثير من التفاصيل الصغيرة والكبيرة كاهتمام الزوجة بملابس زوجها وبطعامه وبكلّ شؤونه، وأيضاً اهتمام الزوج براحة زوجته عن طريق توفير كلّ ما تحتاجه لضمان الحياة الهانئة لها، لذا فإنّ الحبّ بعد الزواج يأخذ شكلاً آخر من الاهتمام وليس تحوّلاً في المشاعر نفسها؛ فالشخصان اللذان تزوجا بعد حبّ سيحملان معهما المشاعر نفسها ويحوّلانها إلى واقع عمليّ يهدف إلى تحسين نوعية الحياة التي يعيشانها، وكذلك الأمر بالنسبة للحبّ الذي يتطوّر بعد الزواج؛ فهو حبّ قائم على طول العشرة ويهدف كما الأوّل إلى إيجاد الراحة والسعادة بين الزوجين ليحظيا بحياة جميلة تخلو من الجفاء، بالإضافة إلى أنّه العامل الأساسي لبقاء الزوجين في أعلى رتبة من التواصل والتفاهم، فبدون الحب والاحترام لن يكون للحياة رونق.
إقرأ أيضا:كيف أتعامل مع والدي العصبي