التداخل الدوائي
تساعد العلاجات الدوائية المرضى على البقاء بصحة أفضل، إلا أنّه عند تناول أكثر من دواء أو حتى عند خلط الدواء مع طعام معين، أو شراب، أو تناول الأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية، فإنّ ذلك قد يُعرِّض المريض لحدوث ما يسمى بالتداخل الدوائي، حيث يحدث تفاعل بين الدواء ودواء آخر، أو طعام، أو شراب، أو حتى مع حالة مرضية قد يعاني منها المريض، وبالرغم من أنّ معظم التداخلات الدوائية ليست خطيرة إلا أنّ بعضها قد يكون كذلك، حيث إنّ التداخل الدوائي قد يؤدي إلى نقصان أو زيادة فعالية الدواء، أو يسبّب آثاراً جانبية غير مرغوبة، ومن الجدير بالذكر أنّ التداخلات الدوائية ليست جميعها سيئة، فبعض الأدوية قد تُمتص بشكل أفضل إذا تم تناولها مع الطعام، أو قد تزيد نسبتها في الدم إذا تمّ أخذها مع أدوية أخرى تؤثر في إنزيمات أيضيّة معينة.
احتمالية حدوث التداخل الدوائي
إنّ التداخلات الدوائية الخطيرة والمهددة للحياة ليست شائعة، لكنها بالطبع مدعاة للقلق، لذلك يجب التأكد في كل مرة يضاف فيها دواء جديد للمريض، وفي بعض الأحيان قد يؤثر حتى التوقف عن تناول دواء معين في مستوى الأدوية الأخرى في الدم، وهناك مجموعة عوامل تحدّد احتمالية حدوث التداخل الدوائي ومدى خطورته، ومنها: إجمالي عدد الأدوية التي يتناولها المريض، وأنواعها، وعمره، ووظائف الكبد والكلى، والنظام الغذائي المتّبع، والحالة الصحية العامة، وطبيعة إنزيمات الأيض في كل جسم.
إقرأ أيضا:أسباب التعب والإرهاقأنواع التداخل الدوائي
تداخل الدواء مع الدواء
يوجد تداخل أو تفاعل بين دوائين أو أكثر، وهو أكثر أنواع التداخل الدوائي شيوعاً، وكلّما زاد عدد الأدوية التي يتناولها المريض، زادت احتمالية حدوث هذا النوع من التداخل الدوائي، ممّا قد يقلّل فعالية الدواء، أو يزيد من آثاره الجانبية، أو يزيد مستواه في الدم وبالتالي تزيد احتمالية حدوث تسمّم به، ومثال ذلك ما يحصل عند تناول أيّ من مضادات الحساسية التي تسبّب النعاس مع أيّ دواء منوّم؛ حيث يؤدي ذلك إلى زيادة الشعور بالنعاس، وبطء في ردات الفعل، وينجم عن ذلك خطر إضافي عند تشغيل الآلات أو القيادة وذلك لأنّ الدوائين يسببان النعاس، وكذلك تداخل أدوية مانعة الحموضة مثل (بالإنجليزية: Histamine H2 blockers) وأدوية مثبطة مضخة البروتون (بالإنجليزية: Proton Pump Inhibitor)، حيث ترتفع درجة حموضة المعدة، مما يقلّل امتصاص بعض الأدوية الأخرى التي يتناولها المريض مثل الكيتوكونازل (بالإنجليزية: Ketokonazole) المستخدم في علاج التهابات الفطريات.
تداخل الدواء مع الغذاء
يحدث تداخل الدواء مع الطعام أو الشراب في الغالب، لأنّ الدواء الذي يؤخذ عبر الفم يتمّ امتصاصه عبر جدار المعدة أو الأمعاء الدقيقة، وبالتالي فإنّ وجود الطعام في الجهاز الهضمي قد يقلّل من امتصاص الدواء، ولتجنّب هذا النوع من التداخل الدوائي ينبغي تناول الدواء قبل الطعام بساعة أو بعد تناول الطعام بساعتين، ومن الجدير بالذكر أنّ تداخل الدواء مع أيّ نوع من المكملات الغذائية يُعدّ أيضاً مثالاً على تداخل الدواء مع الغذاء؛ مثل تداخل الدواء مع الأعشاب العلاجية والمنتجات التي تحتوي على فيتامينات، أو معادن، أو أحماض الأمينية، وفيما يلي بيان تفصيلي لبعض الأمثلة على هذا النوع من التداخل:
إقرأ أيضا:ما أسباب شحوب الوجه- تناول أيّ نوع من الطعام حتى عصير البرتقال أو القهوة يؤثر بشكل كبير في امتصاص وفعالية أدوية مجموعة البيسفوسفونات (بالإنجليزية: Biophosphonat)؛ مثل دواء أليندرونات (بالإنجليزية: Alendronate) الذي ينبغي تناوله مع مياه عادية (غير معدنية) قبل 30 دقيقة على الأقل من تناول أي شيء آخر، ودواء إباندرونات (بالإنجليزية: Ibandronate) الذي ينبغي تناوله على الأقل قبل ساعة من تناول أي شيء آخر.
- تناول عصير الجريب فروت يعمل على تثبيط إنزيمات الكبد التي تدخل في أيض بعض الأدوية مثل البنزوديازيبينات (بالإنجليزية: Benzodiazepines)، وأدوية حاصرات الكالسيوم (بالإنجليزية: Calcium channel blocker)، وحبوب منع الحمل، وبعض أنواع أدوية الستاتين (بالإنجليزية: Statins) المستعملة في خفض الكوليستيرول، ممّا يزيد مستوى هذه الأدوية في الدم مؤدياً لحدوث تسمّم أو زيادة في أعراضها الجانبية، كما يعاني المريض عند تناوله أدوية الستاتين مع الجريب فروت من آلام العضلات، أو يُصاب بتلف شديد في العضلات يسمى بانحلال الربيدات (بالإنجليزية: Rhabdomyolysis).
- تناول الشوفان أو أيّ من محاصيل الحبوب مع دواء الديجوكسين (بالإنجليزية: Digoxin)، حيث إنّ الألياف الموجودة في الشوفان والحبوب الأخرى إذا تم تناولها بكميات كبيرة تتداخل مع امتصاص الديجوكسين.
- تناول المريض للأغذية الغنية بالتيرامين (بالإنجليزية: Tyramine) مثل أغلب أنواع الجبن والألبان مع مثبّطات أكسيداز أحادي الأمين (بالإنجليزية: Monoamine oxidase inhibitors) واختصاراً (MAO) المستعملة في علاج الإكتئاب، قد يؤدي إلى صداع شديد، أو ارتفاع شديد في ضغط الدم يسمّى بفرط ضغط الدم الخبيث (بالإنجليزية: Hypertensive Crisis) والذي من الممكن أن يكون مميتاً، لذلك ينبغي على المريض تجنّب هذه الأغذية.
- تناول الأغذية الغنية بفيتامين K مثل البروكولي والسبانخ مع دواء الوارفارين (بالإنجليزية: Warfarin) قد يقلّل من فعاليته، ممّا يزيد من خطر حدوث تجلط، لذلك يجب تناول هذه الأغذية بشكل محدّد وثابت من يوم لآخر.
- تناول الأغذية الغنية بالكالسيوم مثل الحليب ومشتقاته مع أدوية التيتراسايكلن (بالإنجليزية: Tetracycline) يؤثر في امتصاص هذه الأدوية، لذلك ينبغي تناول الدواء قبل ساعة أو ساعتين من تناول هذه الأغذية.
تداخل الدواء مع الأمراض
إنّ التداخل الدوائي لا يحدث فقط مع دواء آخر أو غذاء، وإنّما الحالة الصحيّة للمريض لها تأثير أيضاً في طريقة عمل الدواء، وكذلك فإنّ الأدوية التي تعالج أو تخفّف من مرض ما قد تفاقم مرضاً آخر، وعلى سبيل المثال نذكر ما يلي:
إقرأ أيضا:ما أسباب دوران الرأس- استعمال الأقراص الدوائية التي تحتوي على مزيل للاحتقان مثل سودوإفدرين (بالإنجليزية: Pseudoephedrine) أو فينيليفرين (بالإنجليزية: Phenylephrine)، حيث قد تزيد هذه الأقراص ضغط الدم، مما يشكل خطراً على مرضى الضغط.
- العلاج بحاصرات بيتا (بالإنجليزية: Beta blocker) لمرضى القلب أو ارتفاع ضغط الدم، قد يزيد مرض الربو سوءاً، ويؤثر أيضاَ في مريض السكري، لأنّها تمنع ظهور علامات انخفاض السكر؛ فقد ينخفض مستوى السكر في دمه كثيراً ولا يشعر بذلك.
- بعض أدوية علاج الرشح قد تزيد سوء مرض الجلوكوما أو ما يُعرف بالماء الأزرق في العين (بالإنجليزية: Glaucoma).
تجنب حدوث التداخل الدوائي
لتجنّب حدوث التداخل الدوائي يمكن اتباع مجموعة من النصائح، منها ما يلي:
- إخبار الطبيب أو الصيدلي عن الأدوية الموصوفة، أو تلك التي يتناولها دون وصفة طبية، وكذلك عن أيّة مكملات غذائية، أو منتجات عشبية يتناولها.
- إخبار الطبيب أو الصيدلي عن أيّة حالة مرضية أخرى يعاني منها المريض، مثل ارتفاع ضغط الدم، أو السكري، أو قرحة المعدة، أو الجلوكوما، أو تضخم البروستات حيث يُعدّ هؤلاء المرضى أكثر عرضة للتداخل الدوائي.
- معرفة طريقة استخدام الدواء، وكيفية تناوله، وما الأغذية أو المشروبات التي ينبغي تجنّبها عند أخذ هذا الدواء، ومدى سلامة تناول هذا الدواء مع دواء آخر يتناوله المريض، واحتمالات حدوث تداخل دوائي بينهما، وما هي علامات هذا التداخل إن حدث، وما الإجراء المتبع في حال حدوث التداخل الدوائي.
- الالتزام بتناول الدواء وفق إرشادات الطبيب.
- قراءة المعلومات والإرشادات المرفقة مع الدواء فهي تحتوي على معلومات مهمة عن تداخلات دوائية محتملة.
- إخبار الطبيب في حال حدوث أيّ آثار جانبية مزعجة أو مستمرة.